للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما لا سبيل إلى جحده، والذي يوضح ذلك أنهم اعتبروا طريق القياس في غوامض المسائل مع شغورها عن العلل المنصوصة في أصولها (١).

وقد اختصر الإمام الشاطبي منهج الصحابة في الاستدلال والقياس بكونه منطلقًا من أمرين: الوحي، والمقاصد. فيقول: الصحابة قصروا أحكامهم على اتباع الأدلة، وفهم مقاصد الشرع (٢).

وكان من منهجهم أيضًا في الاستدلال اعتناؤهم بتعليل الأحكام، وهو كثير في اجتهادهم، فبنوا الأحكام المقيسة على العلل؛ كتعليلهم أولوية أبي بكر بالخلافة، لأنَّ النبي رضيه لدينهم، وتعليل علي جلد شارب الخمر ثمانين بأنه إذا سكر هذي، وإذا هذي افترى، والفرية حدها ثمانون جلدة.

فلذلك كان من أسباب اختلاف الصحابة اختلافهم في التعليل.

فالصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا علماء مجتهدين، وقد تفاوتوا في الفقه والفهم غاية التفاوت، وكانوا يجتهدون ويختلفون وينكر بعضهم على بعض، ويستدرك بعضهم على بعض.


(١) التلخيص في أصول الفقه للإمام الجويني (٣/ ٢٤٧).
(٢) الاعتصام للشاطبي (٢/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>