للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستدل على ما احتمل التأويل منه بسنن رسول الله ، فإذا لم يجد سنة فبإجماع المسلمين، فإن لم يكن إجماعًا فبالقياس، ولا يكون لأحد أن يقيس حتى يكون عالمًا بما مضى قبله من السنن، وأقاويل السلف، وإجماع الناس واختلافهم، ولسان العرب، ولا يكون له أن يقيس حتى يكون صحيح العقل، وحتى يفرق بين المشتبه، ولا يعجل بالقول به دون التثبيت، ولا يمتنع من الاستماع ممن خالفه؛ لأنه قد يتنبه بالاستماع لترك الغفلة، ويزداد به تثبيتًا فيما اعتقده من الصواب، وعليه في ذلك بلوغ غاية جهده، والإنصاف من نفسه حتى يعرف من أين قال ما يقول، وترك ما يترك، ولا يكون بما قال -أعني منه بما خالفه- حتى يعرف فضل ما يصير إليه على ما ترك إن شاء الله، فأما من تم عقله، ولم يكن عالمًا بما وصفنا، فلا يحل له أن يقول بقياس، وذلك أنه لا يعرف ما يقيس عليه كما لا يحل لفقيه عاقل أن يقول في ثمن درهم، ولا خبرة له بسوقه.

ومن كان عالمًا بما وصفنا بالحفظ لا بحقيقة المعرفة، فليس له أن يقول أيضًا بقياس؛ لأنه قد يذهب عليه عقل المعاني، وكذلك لو كان حافظًا، مُقَصِّرَ العقل، أو مقصِّرًا عن علم لسان العرب لم يكن له أن يقيس من قِبَل نقص عقله عن الآلة التي يجوز بها القياس (١).


(١) الرسالة للشافعي (٥٠٩ - ٥١١) دار التراث.

<<  <  ج: ص:  >  >>