والصور في ذلك كله ثابتة موجودة، وكلها فارغة خالية من الأوصاف والمعاني، فاستوى وجودها وعدمها، وهذا كله مدحض لقياس الشبه الخالي عن العلة المؤثرة، والوصف المقتضي للحكم، والله أعلم (١).
فأنت ترى الإمام ابن القيم ينكر نوعًا من قياس الشبه، وهو الشبه الصوري الفارغ الخالي من نوع دلالة تدل على الحكم، وهذا لا يقول به أحد.
وبالرغم من أنَّ أكثر الحنفية لا يقولون بقياس الشبه، إلا أنهم يعملون به في أبرز وأظهر أقسامه، وهو غلبة الأشباه، أو تردد الفرع بين شبهين، فيرجح الآخر، وذلك عن طريق الاستحسان بالقياس، بل إنهم يعملون به في ترجيح الخفي منهما لدليل، وقد جعلوه من باب ترجيح قياس خفي على قياس جلي لموجب اقتضى ذلك، وهو إعمالٌ لقاعدة غلبة الأشباه، ومن ذلك وقف الأرض الزراعية، فإنَّ لها شبهًا بالبيع وشبهًا بالإجارة، أما شبه البيع، فمن حيث إنَّ كلًّا منهما يخرج العين من ملك صاحبها، ومقتضى هذا الشبه أن لا يدخل حق الشِرب، والطريق، والمسيل في الوقف إلا بالنص عليها من الواقف، كما هو حكم البيع.
وأما شبهه بالإجارة، فمن حيث إنَّ كلًّا منهما يصير ملك الانتفاع