للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان علمهم أن يفتي أحدهم بفتوى وتكون خطأً مخالفة لحكم الله ورسوله، ولا يفتي غيره بالحق الذي هو حكم الله ورسوله إما مع اشتهار فتوى الأول، أو بدون اشتهارها؛ كانت هذه الأمة العدل الخيار قد أطبقت على خلاف الحق، بل انقسموا قسمين قسمًا أفتى بالباطل، وقسمًا سكت عن الحق، وهذا من المستحيل؛ فإن الحق لا يعدوهم، ويخرج عنهم إلى من بعدهم قطعًا، ونحن نقول لمن خالف أقوالهم: لو كان خيرًا ما سبقونا إليه (١).

وكذلك قوله تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الحج: ٧٨].

فإذا كانوا بهذه المنزلة عنده تعالى؛ فمن المحال أن يحرمهم كلهم الصواب في مسألة، فيفتي فيها بعضهم بالخطأ، ولا يفتي فيها غيره بالصواب، ويظفر فيها بالهدى من بعدهم، والله المستعان (٢).


(١) إعلام الموقعين (٤/ ٥٧١) بتصرف يسير.
(٢) إعلام الموقعين (٤/ ٥٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>