وإليه ذهب الجويني إذا قطع الصحابي فيه القول ولم يتردد.
قال في البرهان: وأما ما قطعوا القول به، ولم تكن المسألة في مظنة الاجتهاد، فقالوا قولًا مخالًفا للقياس ما أرشد إليه نظر، ولا يدل عليه اعتبار من تقليد، أو غيره، ورأيناهم حاكمين قاطعين، فتحسين الظن بهم يقتضي أن يقال ما نراهم يحكمون من غير بينة، ولا مستند لهذا الحكم من قياس، فلعلهم لاح لهم مستند سمعي قطعي من نص حديث كان حكمهم بذلك، فيجب اتباعهم لهذا المقام (١).
القسم الرابع: أن يختلف الصحابة في الحكم على قولين فأكثر:
أولًا: إذا كان مع أحد القولين سنة فهو المقدم بلا شك؛ لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ.
مثاله: حديث التيمم للجنابة: عن شقيق قال: كنت جالسًا مع عبد الله، وأبي موسى، فقال أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن أرأيت لو أن رجلًا أجنب فلم يجد الماء شهًرا كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبد الله: لا يتيمم، وإن لم يجد الماء شهرًا. فقال أبو موسى: فكيف بهذه الآية في سورة المائدة: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣]،
(١) البرهان للجويني (٢/ ١٣٦١) ت: د. عبد العظيم الديب، توزيع دار الأنصار، بالقاهرة.