للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من ينصره الله فلا غالب له]

وهناك درس عظيم ينبغي أن يعيه المسلمون، وهو ١أن الله تبارك وتعالى إذا شاء نصراً لأحد وعزاً له فإنه يقهر أعداءه، وقوة الأعداء مهما بلغت فلن تساوي شيئاً بالنسبة لقوة الله، ألا نقرأ في تاريخ المسلمين معارك بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بمائة سنة أو بمائتين أو بخمسمائة، فنرى قدرة الله تتدخل لنصر المؤمنين.

مثلاً في سنة ١٤٥٠م فتحت القسطنطينية، واقرءوا كيفية فتح القسطنطينية تروا قدرة الله تبارك وتعالى، فنصر الله يتنزل على المسلمين الذين أعدوا كل ما يمكنهم لفتح المدينة، وكان هدفهم إعلاء كلمة الله تبارك وتعالى، ذكر المؤرخون أن الصواعق كانت لا تكاد تنقطع في سماء القسطنطينية حتى وقع الرعب في قلوب الأعداء، أحداث يشاهدها الناس عندما يخلصوا دينهم لله تبارك وتعالى، درس لا يجوز للمسلمين أن ينسوه، والإعلام العالمي والدنيا كلها تضخم من حفنة من اليهود؛ لتلقي الرعب في قلوب المؤمنين، ولتثبت في قلوب الناس أن اليهود لا يقهرون، لا يغلبون، أنهم الآن يملكون من الطائرات كذا وكذا، ومن الدبابات كذا وكذا، وانظروا إلى حروب المسلمين مع اليهود، أحياناً تكون ست ساعات، وأحياناً ثلاثة أيام، وأحياناً يوم، ثم يفرون كالجرذان! هم يريدون أن يلقوا في نفوس المسلمين الرعب، وهذا جزء من التطبيع المرفوع شعاره في ديار المسلمين اليوم، حتى يذل المسلمون وتذل نفوسهم، ثم يستسلمون ويقولون: رضينا بيهود سادة وحكاماً وزعماء وخبراء ومستشارين ورجال فكر.

الخلل أننا لم ننتسب إلى دين الله حقاً، ولم نعد العدة، وما جرى من حروب فلا نعترف بأنها حروب، بالله عليكم هذه الحروب التي تجري بين العراق وإيران لماذا تستمر سنوات وهي بين المسلمين،؟ وإذا كانت بيننا وبين اليهود لا تستمر إلا أياماً أو ساعاتٍ معدودة؟ هل لا يوجد معنا سلاح ولا رجال ولا قادة؟ لا، الأمر ليس كذلك فهذه الحرب في أفغانستان مستمرة منذ عام ١٩٧٩م إلى الآن، والشعب الأفغاني شعب أعزل، ويحارب دولة كبرى، لماذا لا نستطيع أن نقف أمام اليهود؟! فهذا درس مهم ينبغي أن نعيه من هذه الآيات: {مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ * وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ} [الحشر:٢ - ٣]-أي: في الأزل كتب عليهم أن يخرجوا من ديارهم- {لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} [الحشر:٣] وذلك أن الله تبارك وتعالى كان قد أذن لرسوله أن يقتل رجالهم، وأن يسبي نساءهم وأطفالهم، ثم قال سبحانه: {وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر:٣ - ٤]، أي: إنما فعل الله ذلك بهم لأنهم شاقوا الله ورسوله، فالله ورسوله في شق، واليهود في شق، الله ورسوله في جانب، وهؤلاء يحاربون الله ورسوله من جانب آخر، ومن حارب الله فإن الله يغلبه.

والمسلمون اليوم -وللأسف- كثير منهم شاقوا الله ورسوله، فسلط الله عليهم عباد الصليب، وسلط عليهم اليهود الشيوعيين؛ لأن المسلمين شاقوا الله ورسوله، وليسوا كلهم، لكن فئة منهم، وخاصة الفئة التي تتولى مقاليد الحكم في ديارنا، فقد شاقت الله ورسوله، ولم تحكم شرعه ودينه، ولم ترفع راية الجهاد، رضيت بقوانين الشرق والغرب، وبالولاء لهم، أتريدون أن ينزل الله علينا نصراً في مثل هذه الأحوال؟! أي: إذا جعل العباد أنفسهم في شق مقابل لله تبارك وتعالى، فلا يوالونه، ولا ينصرون دينه، ولا يعلون كلمته، ولا يحكمون كتابه؛ فهذه مشاقة له ولرسوله، وقد قال سبحانه: {وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر:٤].