للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كرامة الشهيد عند رب العالمين]

إن ضريبة الجهاد أن تبذل نفسك التي بين جنبيك؛ لكنك تعيش إن كنت مخلصاً صادقاً عند مليكٍ مقتدر، إن مت صادقاً مقاتلاً في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، ليس ثوابك الجنة فقط، بل بمجرد أن تموت في سبيل الله تحيا عند الله كما قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:١٦٩].

فإذا مات المسلم مقاتلاً في سبيل الله فهو لا يموت في الحقيقة، نحن نشاهده قد مات، ولكنّ هناك بعد الموت حياة أخرى: حياة كريمة، حياة عظيمة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أرواح الشهداء في حواصل طير خضر، تسرح في رياض الجنة، تأكل من ثمارها، وتشرب من أنهارها، وتأوي إلى قناديل معلقة في سقف عرش الرحمن)، وعندما استشهد فوج من المجاهدين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من الأخيار الأطهار اطلع عليهم ربهم اطلاعة فقال: عبادي! تريدون شيئاً أزيدكم؟ قالوا: وما نريد يا رب؟ حاورهم ربهم مرة بعد مرة، وفي المرة الأخيرة طلبوا أن يعيدهم الله إلى الحياة الدنيا مرة أخرى؛ ليقاتلوا أعداءه ويقتلوا في سبيله؛ لما شاهدوا بأعينهم في الجنة من عظيم الثواب للشهداء.

وطلبوا أن يبلغ ربنا قومهم من خلفهم -أي: المسلمين- بحالهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران:١٦٩ - ١٧٠] فكانت بحق رسالة خالدة جاءت من الأموات حملها الوحي من عند الله تبارك وتعالى، يبلغنا الله تبارك وتعالى فيها بما أعده للشهداء.