[خطط الأعداء في امتصاص مطالب تطبيق الشريعة]
السؤال
تكونت لجنة في السودان لإعادة أحكام الشريعة الإسلامية برئاسة الشيخ حسن الترابي، وبقرار من الحاكم بغير شرع الله جعفر محمد نميري، فما رأيك في جدية هذه اللجنة تحت حكم وظلم هذا الحاكم؟
الجواب
هناك ضغوط في العالم العربي والإسلامي لإعادة حكم الله في الأرض، وجريدة الأخبار قبل عشرين يوماً عملت استفتاء دخل فيه حوالى ثلاثة آلاف من عينات مختلفة من الشعب المصري، وكانت النتيجة أن ٩٦% من الشعب المصري يريد حكم الشريعة الإسلامية.
في كل مكان توجد ضغوط من المسلمين يريدون أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية، ولا بد أن أعداء الإسلام يمتصون هذه المشاعر الفياضة، فيجعلون الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع؛ أو من المصادر الشريعة الإسلامية، وتقوم معركة حول هذه القضية.
في باكستان الآن يطبقون أحكام الشريعة، الزاني يجلدوه حتى يكرهوا الناس بشيء اسمه إسلام، يحدثني أحدهم فيقول: يؤتى بالزاني، ويربط من يديه ورجليه، ويؤتى برجل مفتول العضلات، ومعه عصا غليظة طولها حوالى أربعة أو خمسة أمتار، ويذهب إلى بعيد ثم يأتي وهو يركض وبأقوى قوته يضرب الزاني خمس جلدات أو ست جلدات حتى يموت المجلود، وجلدوا ثمانية فماتوا! بالله عليكم: هل هذا هو حكم الشريعة الإسلامية؟! هذا فيه ضغط على المسلمين الذين يريدون الشريعة الإسلامية، وينقلون هذا بالتلفزيون! أعوذ بالله، أهذا هو حكم الإسلام؟ هل هذه الطريقة التي يحكم الإسلام بها؟! فقهاء الإسلام قالوا: الجلد يكون بسوط ليس بالطويل ولا بالقصير، وليس بالجديد ولا بالقديم، الجديد يجرح، والقديم لا يؤذي، والجلد ليس أعلى شيء ولا أخف شيء بل وسط، وإذا كان الإنسان مريضاً لا يقام عليه الحد حتى يبرأ ويشفى، وهم يطبقون الحد بهذه الطريقة حتى ينفر الناس من الإسلام، لا من أجل إقامة أحكام الشريعة الإسلامية.
كذلك في كل البلاد الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع، وضع هذا النص وماذا تغير؟ لم يتغير شيء، وكلما انتفض المسلمون انتفاضة امتصوا غضبهم، في أحد البلاد قريباً وضعوا لجنة من أربعة، ثلاثة قالوا: الشريعة الإسلامية لا تنفع في هذه الأيام، وقالت الحكومة: أنا لا ذنب لي، اللجنة ما وافقت، يعني: كأن اللجنة لو وافقت سيطبقون، وما علموا أن رب العزة يريد هذا، فيجعلون رأي اللجنة مقدماً على رأي رب العزة وعلى حكمه! هذا واقع الأمر، فهذه من جملة المغالطات على المسلمين هنا وهناك.
وفي سوريا في مطلع الخمسينات أرادوا أن يلغوا دين الدولة الإسلام من الدستور، ولولا أن الثورة قامت والناس قاموا بضجيج لما أبقوا الكلمة.
في مصر وقف السادات وقال: أنا أعرف أن السياسة من الدين، لكن أنا أقول: لا سياسة في الدين، فلا أحد يتكلم، ويقول: الدين له دخل في السياسة! وأضله الله على علم، القضية ليست قضية عالم أو غير عالم، يا أخي لو أن شخصاً يعرف الوضوء والصلاة، هل تقول له: تعال أعلمك الوضوء حتى تصلي، هو لا يريد أن يصلي أصلاً؟! فما يجري في السودان هو من هذا القبيل.
ما وصلنا إليه من شقاء ومصائب ومآس على أيدي هؤلاء المجرمين الأوروبيين ألا يحق للمسلم أن يحمل في قلبه دوماً حقداً وبغضاً؟ فيجب أن نكرههم ونبغضهم في الله.
أيها الإخوة! نحن نحب الله، والذي يبغضه الله نبغضه، والذي يحبه الله نحبه، المسألة في غاية البساطة، فـ أبو جهل لو قلت له: يا أخي يا حبيبي، يقول الله: كيف هو أخوك وحبيبك وأنا أبغضه؟! وإذا سببت عمر بن الخطاب، يقول ربنا: كيف سببته وأنا أحبه؟ القضية في هذه السهولة، أفرق بين الحب والعمل، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبغض اليهود ويحسن إليهم، قال الله: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} [الممتحنة:٨]، وقال الله: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة:٢٢]، نحن نبغضهم ولا شك في هذا؛ لأنه لا يجتمع في قلب مسلم حب الله وحب أعداء الله، كيف يجتمع هذا؟! نحن نبغض كل كافر وكل مشرك، وإن كنا نحب لهم الخير بأن يسلموا، وفرق بين أننا نبغضهم لأنهم على الشرك كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة:٢٨]، تلبسوا بأكبر قذارة وهو الشرك، الذي لا يمكن أن تغسله إلا نار جهنم، فنحن نبغض كل مشرك وكل كافر؛ لأن الله يبغضه، ولأنه لا يستقيم على أمر الله، لكن يمكن أن نحسن إليهم إذا كانوا لا يقاتلوننا في الدين، ونحب لهم الخير والإسلام، فالتفريق بين هذه النقاط الثلاث ضروري: محبة المؤمن، وبغض الكافر، والكافر مع كوننا نبغضه يمكن أن نحسن إليه، ونتمنى له أن يسلم ونحب له ذلك، إذا وضحت هذه النقاط الثلاثة لا توجد مشاكل.
فكيف أن تحب الكافر، وهم كما قال الله: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم:٨٨ - ٩١]، ثم تقول لمن اتخذ للرحمن ولداً: أنت حبيبي، وأنت أخي، وأنا أخوك؟! لا يمكن هذا.