للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[زمن النية في رمضان]

السؤال

قرأت لبعض العلماء أن تجديد النية كل يوم في رمضان واجب، وبعضهم قال: تكفي نية أول يوم في رمضان، فما رأي الإسلام؟

الجواب

هذه مسألة اختلف العلماء فيها: فالإمام مالك رحمه الله يرى أنه تكفي نية من أول الشهر للشهر كله.

فلرمضان وحده نية واحدة.

والإمام أبو حنيفة يقول: لا يحتاج أن ينوي رمضان، فسواء نوى رمضان أم نافلة أم غير ذلك صح صومه.

وبقية الأئمة -والحق معهم في هذه المسألة إن شاء الله- وهم الإمام أحمد والشافعي وغيرهما من العلماء يقولون: يجب أن ينوي لكل يوم، لأن كل يوم يشكل وحدة مستقلة مثل الصلاة، فصلاة الظهر تشكل وحده، وصلاة عصر تشكل وحدة واحدة وهكذا، والدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل) فصوم رمضان لابد له من نية قبل الفجر أو في الليل، ولا تصح من نهار اليوم السابق، ومع ذلك ينبغي ألا نشق على أنفسنا في النية، إذا البعض يعزم أن يقوم ليتسحر، ثم يتسحر، وعند ما يأتي الأذان يمتنع عن الطعام، وبعد الفجر يشك هل نوى أم لا؟ فهذا يحدث من بعض الناس، وهو جهل بالنية.

فلا يلزم في النية أن يقول: إني نويت أن أصوم يوم غد، وإنما النية قصد القلب وعهده على أن يصوم ذلك اليوم، بمعنى: أن يخطر في ذهنه ويعزم في قلبه أن يصوم يوم غد، فهذه هي النية.

فإذا قال في نفسه عند النوم سأقوم لأتسحر ثم لم يتسحر فقد نوى، وليست عليه أي مشكلة.

أما إذا نام إنسان قبل الغروب إلى بعد الفجر، أو أغمي عليه قبل الغروب إلى أن طلع الفجر وهو مغمى عليه فلم ينو من الليل فهنا تكون مشكلة.

فإذاً: النية واجبة، ولا بد منها لكل يوم كما هو رأي الإمام أحمد والشافعي، فلا يجزئ صيام الشهر بنية واحدة؛ لأن كل يوم وحدة واحدة، والدليل على ذلك أنه لو صام خمسة أيام، أو أفطر خمسة أيام من الشهر، لم يبطل الشهر كاملاً.

وكذلك إذا حاضت المرأة في أثناء الشهر لأدى إلى الانقطاع، فلو كان الشهر وحدة واحدة لبطلت جميع الأيام، وهو مخالف للنصوص.

وكذلك مما يدل على أن كل يوم وحده: أننا عند ما يأتي الغروب نتناول منافيات الصيام، من أكل وشرب وجماع، فلو كان الشهر وحدة واحدة لكان الواجب صيام لياليه، فلا يأت مسلم المفطرات ليلاً ولا نهاراً.

أما صيام النافلة فالعلماء مختلفون فيها، لكن الصواب: أن الإنسان لو لم ينو من الليل، ثم نوى بعد الفجر وقبيل الظهر، ولم يتناول طعاماً ولا شراباً فصيامه صحيح.

وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدخل على نسائه فيقول: أعندكم طعام؟ فيقال: لا، ما عندنا طعام، فيصوم، فينشئ الصيام بنية النهار.

وبعض العلماء يخالف في هذا فيقولون: لا يجوز إنشاء الصوم بنية من النهار؛ لكن هذا هو الصحيح والنية محلها القلب.