[التحذير من الاغترار بالدعوات التي تجر على المرء الندامة يوم القيامة]
إن المرأة في الإسلام بانية أمة ومؤسسة حضارة، يتخرج من بيتها رجال ونساء أتقياء بررة، فكم من قائد غير مسار التاريخ، وجد أنه كان وراءه أم غرست فيه البطولة والشجاعة والمبادئ.
فشتان بين نظرة أدعياء التقدم، ونظرة دعاة الإسلام، فهما نظرتان متخالفتان فأولئك يريدون أن يدوسوا كرامة الإنسان وأن يمتهنوا الإنسان؛ ليرضوا شهواتهم وأطماعهم ونزواتهم، ونحن نريد أن يحق الله الحق بكلماته، ونريد سعادة وحياة طيبة في الدنيا لكل من الرجل والمرأة، ونريد سعادة في الأخرى.
إن حياتنا ستنتهي وأيامنا وأعمارنا ستتلاشى، وسيأتي يوم نفارق فيه الحياة، بل سيأتي يوم تندثر فيه الحياة، وسيأتي يوم يفنى فيه كل شيء ولا يبقى إلى الله سبحانه وتعالى:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٢٦ - ٢٧]، وسيأتي يوم ينفخ فيه في الصور، ويقوم الناس لرب العالمين، ويجمع الله الأولين والآخرين، {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ}[هود:١٠٣]، يجمع الله فيه الأولين والآخرين فيحاسبهم على ما قدموا، {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}[مريم:٩٣ - ٩٥]، يوم طويل مهول، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة:٥]، {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ * فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا * يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا}[المعارج:٤ - ١٠]، وينادي مناد يوم القيامة:(يا أهل الجنة! خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت).
إن سعادتنا في الآخرة متوقفة على مسيرتنا في الدنيا، أما أدعياء التقدمية فإنهم يريدون الشقاء لهذه الأمة، ماذا يغني عنا هؤلاء إذا ألقينا في النار، عندما ينادي الإنسان:{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ}[الحاقة:٢٨ - ٣٢]؟ ماذا يغني عنا هؤلاء إن تمردنا على حكم الله وشريعته؟ ماذا يغني عنا هؤلاء إذا نحن لم نلتزم بأمر الله؟ هؤلاء المخلوقون الذين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ماذا يغنون عنا في ذلك اليوم؟ {َيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا}[غافر:٤٧]، تقول الجماهير التي تسير وراء المفكرين، ووراء الزعماء {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ}[غافر:٤٧]، في الدنيا {تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ}[غافر:٤٧] قالوا: {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}[غافر:٤٨].
يوم القيامة يسير القادة والزعماء والذين اتبعوهم في الدنيا يسيرون وراءهم، فأولئك يرمى بهم في النار، ثم يلقى هؤلاء في أثرهم، يقول الله عن فرعون:{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ}[هود:٩٨].
في الختام أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما سمعنا، ويجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأملي أن تمضي مسيرة المسلمين قدماً إلى الأمام تشق الطريق رغم الصعاب والمشكلات التي تواجه المسلمين، فقدر المسلم أن يحيا للإسلام، وأن يعيش للإسلام، وأن يكون مسلماً رجلاً أو امرأة، في حال الشباب وفي تقدم العمر وفي الشيخوخة، ذلك أملنا، والله سبحانه وتعالى يتولى الصالحين.