ثم كيف أعاد الله موسى إلى أمه؟ قال تعالى:{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ}[القصص:١٠]، ولو صرخت وقالت: ولدي رميته في النيل، لانكشف أمرها، ولكن الله يربط على قلبها ليتحقق قدره:{إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[القصص:١٠]، ثم ماذا؟ {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ}[القصص:١١]، أي: تتبعي أخبار الطفل وأحواله.
قال تعالى:{فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}[القصص:١١] أي: كأنها غير مهتمة، وهذا من الذكاء والفطنة، حتى لا يشتبهوا بها.
{َقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}[القصص:١٢] يعني: توجد هنا امرأة ترضعه لكم، فأتوا بها فرضع منها ففرحوا، فبعد أن كانوا يبحثون عنه ليذبحوه صاروا يبحثون عمَّن يهبه الحياة ويبقيه حياً، ويأخذون المرأة إلى الملكة وتطلب الملكة منها أن تسكن عندها فأبت، فكانت تأتي إليه وترضعه ثم تعود إلى بيتها، وكانت تأخذ على ذلك أجرة، وأصبح موسى معززاً مكرماً؛ ولذلك أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّ من يفعل الفعل ويأخذ عليه أجراً مثل أم موسى، فله ثوابه وأجره عند الله سبحانه وتعالى.