من شاء أن يطهر نفسه، ومن شاء أن يلين قلبه؛ فليقرأ كتاب الله تبارك وتعالى، فإن أفضل الذكر هو هذا الكتاب، فمن قرأ كتاب الله تبارك وتعالى سيجد قلبه قد لان وخشع لذكر الله تبارك وتعالى، وإذا به يشعر بحلاوة الإيمان، وحلاوة اليقين، وإذا بنفسه تنقاد إليه، وإذا بالجسد يخضع لما أمر الله تبارك وتعالى.
وقد حذرنا الله تبارك وتعالى من قسوة القلب كما كان مصير اليهود والنصارى من قبل:{طَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}[الحديد:١٦]، ثم يقول الحق تبارك وتعالى:{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[الحديد:١٧] فالأرض تكون جرداء قاحلة لا نبات فيها، فينزل عليها الماء من السماء فإذا بها تتشقق، وإذا بالنبات يزهر، وتمر عليها بعد أيام فإذا بالأرض الجرداء القاحلة معشبة مخضرة مزهرة مثمرة معطاءة، فتسرك رؤيتها، وكذلك القلوب إذا نزل عليها الوحي وأقصد بنزول الوحي أن تتصل بالقرآن وإذا اتصلت بنور الله تبارك وتعالى الذي ضمنه كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ استضاءت بنور الله، وتحلت بوحي الله وبروح الله، وتغير أمرها وتغير شأنها.
فإذا تكلم الإنسان الذي لا يقرأ القرآن فإنك تشعر بظلمة في قلبه، وظلمة في نفسه وقسوة، وتحس انحرافاً، ثم إذا اتصل بهذا الكتاب وارتوى منه، إذا بالإنسان غير الإنسان، وإذا بالرجل غير الرجل، وإذا في نفسه نقاوة ورقة، وإذا فيه صلاح وخير، وإذا بأعمالٍ طيبة ظهرت، كالأرض التي أنبتت بعد أن كانت مقحلة، بعد أن كانت مجدبة، فظهر نباتها وظهر خيرها، وتحول أمرها بالماء النازل من السماء هناك، وتحول أمر القلوب هنا بالوحي النازل من عند الله تبارك وتعالى.