للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهل الإيمان الصادق يفوقون أهل العبادات الكثيرة]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

ثبت عن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (وزنت بالأمة فرجحتها، ووزن أبو بكر بالأمة لست فيها فرجحها، ووزن عمر بالأمة لست فيها وليس فيها أبو بكر فرجحها).

يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن مكانته وفضله وأجره وثوابه عند الله سبحانه وتعالى عظيم، فالأمة الإسلامية من أول رجل فيها وهو أبو بكر أفضل رجل بعد النبيين إلى آخر رجل فيها وضعت في كفة والرسول صلى الله عليه وسلم في كفة فرجح الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمة كلها، رجل واحد يرجح بملايين الملايين من المؤمنين الصالحين بأعمالهم وفضائلهم وأجورهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يرجح عليهم.

كذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوزن بالأمة وفيها عمر، وعثمان، وعلي، وسعد، وخالد بن الوليد والصالحون والأخيار من هذه الأمة يوزن بهم، وليس فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون ميزان أبي بكر أرجح من ميزان الأمة كلها.

ثم يأتي عمر رضي الله عنه فيكون الحال كذلك.

لقد كانت هذه المكانة العظيمة لـ أبي بكر كما في الأثر: ما سبقكم أبو بكر بكثير عمل إنما هو شيء وقر في قلبه، أبو بكر الصديق لم يسبق الناس بكثير عمل، إنما هو إيمان استقر في قلبه، إيمان راسخ قوي، وصلة عظيمة بالله سبحانه وتعالى أوجبت له الأجر العظيم والثواب الجزيل مع سابقة في الإسلام وحرص على التقوى.

الناس يتفاضلون عند ربهم بما وقر في قلوبهم، وبالإيمان الذي يستقر في هذه القلوب، وحب الله سبحانه وتعالى، وخشيته عز وجل، وتعظيمه سبحانه وتعالى، فعندما تستقر هذه الأمور في القلوب تصبح القلوب نظيفة طاهرة طيبة، بل يصبح بينها وبين الله سبحانه وتعالى صلة، هذه المعاني التي استقرت في القلب تلقي آثارها على عمل الإنسان أو على أفعاله أو على أقواله، فلا تسمع منه إلا طيباً، ولا تلقى منه إلا خيراً، تلقي ظلالها على أعمال العبد فإذا بها تستمد من مشكاة النبوة أو من نور الإسلام، فإذا بالعبد يستقيم على منهج الله وطاعته ويأخذ من دين الله سبحانه وتعالى، ويصبح عند المسلم حساسية تجاه هذه الشريعة والأقوال والأعمال.

بعض الناس يتهاون في أمور يظنها حقيرة، وبعضهم في عينيه أمور يظنها عظيمة والأمر ليس كذلك؛ لأنه لا يستقي من شريعة الله سبحانه وتعالى، فيأخذ الأمر بهواه، والله سبحانه وتعالى عنده الميزان يقيس به الأعمال ويوزن به البشر يقول تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة:٧ - ٨].