[خطر اللسان]
رب كلمة يقولها العبد يرفعه الله سبحانه وتعالى بها في الجنة درجات عالية، ورب كلمة يقولها العبد يهبط بها في دركات جهنم.
وفي الحديث: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً -لا يظن أنه سيكون لها أثر عظيم- يرفعه الله بها في الجنة درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً)، أي كلمة يقولها العبد لا يهتم لها ولا يلقي لها بالاً ولا تأخذ من نفسه وفكره شيئاً، ولكنها تغضب الله سبحانه وتعالى غضباً شديداً.
يحدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحد السابقين وهو رجل صالح يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يرى أخاً له في الله يفعل الموبقات من المعاصي والذنوب، فينهاه ويبين له ويرشده مرات ومرات، وفي يوم وجده على معصية فيشتد عليه فيقول له: دعني وربي، أنت لست برقيب علي، فيقول: (والله! لا يغفر الله لك)، انظر إلى هذه الكلمة التي صدرت بنية طيبة فقال الله جل وعلا: (من ذا الذي يتألى علي؟ -من الذي يحلف أنني لا أغفر؟ - قد غفرت له وأحبطت عملك)، كلمة لم يلق لها ذلك الرجال بالاً، ولا يظن أنها ستبلغ هذا المبلغ، فيغفر الله سبحانه وتعالى بها لذلك المذنب العاصي ويحبط أجر هذا الرجل العابد؛ لأنه تكلم بكلمة في ميزان الله تعتبر كبيرة.
كان يخطب الرسول صلى الله عليه وسلم فيأتي إليه رجل فيقول له: (يا رسول الله! هلكت العيال وضاع كذا، ادع الله لنا، فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك، فيغضب الرسول صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً ويسبح قائلاً: سبحان الله! سبحان الله! سبحان الله! ويقول: ويحك، أتدري ما الله؟ إنه لا يستشفع لأحد على الله)، لا يستشفع بالله على أحد، فلا تجعل الله شفيعاً للرسول.
بعض العامة في بلاد الشام يقولون عبارة أشنع من هذه، فعندما يريد إنسان أن يؤكد أمراً على إنسان آخر يقول: أدعوك وعليك الله! فهي كلمة عظيمة يقولها الناس ولا يلقون لها بالاً، والله سبحانه وتعالى لا يقدم ليشفع عند أحد، الناس يشفعون عند ربهم فيقبل شفاعتهم أو يردها كما يشفع الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة والشهداء والصالحون.
وأما أن يستشفع بالله على فلان فهذا خطأ عظيم غضب الرسول صلى الله عليه وسلم من ذكره.
بعض الأعمال يفعلها العباد وهي خطيرة؛ لأن ميزان التقوى وتعظيم الله سبحانه وتعالى قد اختل في النفوس، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي نعرفه: (دخلت امرأة النار في هرة) وفي المقابل امرأة زانية غفر لها بصبة ماء أسقتها لكلب، فبعض الناس يبخسون الحيوان وهو ذو روح، تحبسه امرأة لا تطعمه ولا تسقيه ولا تسمح له بالانطلاق في فجاج الأرض ليأكل من أرض الله الواسعة فتدخل النار بهذا الفعل.
وامرأة تمر على كلب يأكل الثرى من العطش بجانب بئر فتأخذ بنعلها ماء فتسقيه فيغفر الله لها ويدخلها الجنة.
فالناس لا يلقون بالاً لهذه الأعمال، وميزان الله سبحانه وتعالى غير ميزان البشر.
وبعض الناس وهم يضحكون في مجالسهم يريدون النكات لكي يضحكون وقد تمس رسول الله أو الصلاة، وقد تمس الإمام الذي يقرأ القرآن وتضحك الناس من أمر من أمور الدين، هذا خطر كبير يقع فيه كثير من المسلمين الذين يرجون خيراً ويرجون الله سبحانه وتعالى، ولا يلقون للكلمة بالاً، فعندما استهزأ بعض الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالصحابة رضوان الله عليهم سمى الله ذلك كفراً بقوله: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:٦٦] ويحبط العمل، فينبغي للمسلم أن يتنبه إلى مثل هذه الأمور.