فنحن في الحقيقة على ميراث من أبينا آدم تتابع عليه الرسل والأنبياء في هذا الوجود، وهذا الميراث في حقيقته يمثل تاريخ البشرية، والذين يؤرخون البشرية بعيداً عن هذا الميراث إنما يأخذون من البشرية الجانب التافه الذي لا قيمة له، فيجعلون تاريخ البشرية تاريخ العمران والصناعة والزراعة، ويبحثون عن تاريخ الإنسان في كهوف أثرية، وفي مصنع قام في التاريخ السحيق، وفي رسم على جدار أو تمثال وجد في الحفريات، فهؤلاء لم يفهموا تاريخ البشرية أبداً.
إن القرآن الكريم يصور تاريخ البشرية تصويراً حقيقياً يتمثل في الاستجابة لما أنزل الله من كتب، ولما أرسل الله من رسل، ويتمثل في الانحراف والبعد عن هذا المنهج، ويتمثل في أولئك الأفذاذ من الرسل وأتباع الرسل الذين حملوا الأمانة وأوفوا بالعهود لربهم سبحانه وتعالى، والذين تمردوا على الله عز وجل وعلى كتبه ورسله.
هذا هو تاريخ البشرية، يعرضه الله سبحانه وتعالى من خلال رسله، وما قالوا لأقوامهم، وما قال لهم أقوامهم، وما حدث من صراع بين الرسل وأتباع الرسل وبين المعارضين لهم، وكيف جرى قدر الله سبحانه وتعالى لتكون العاقبة للمتقين، والنصر لحزب الله في الدنيا، ثم في الآخرة يعرض الله مصير المؤمنين ومصير الكافرين، مصير الذين حملوا الأمانة، والذين تخلوا عن حمل الأمانة.