والله تبارك وتعالى يبين لنا شيئاً من قدرته، وشيئاً من عظمته؛ لنعيش في الأرض وقلوبنا معلقة بخالق الوجود، ورب الأرض والسماء، لا بأمريكا، ولا بريطانيا، ولا فرنسا، ولا مجلس الأمن، ولا أي قوة في الأرض {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[آل عمران:٢٦ - ٢٧]، ذلك ربنا، وإلهنا، وسيدنا، وواضع منهجنا وطريقنا، فمن له حاكم كحاكمنا؟ ومن له سيد كسيدنا؟ إذا لجأ الناس إلى قوى الأرض، ولجأ المؤمنون إلى ربهم، فإنه يزلزل الأرض من تحت أقدام أعدائهم، ويخسف بهم من السماء، ويزيلهم من الأرض؛ لأنه قادر على ذلك كله، وقد فعل بأسلافنا من قبل مثل هذا، فأعزهم ونصرهم، ودانت لهم الدول، وكان ذلك واقعاً حياً مشهوداً.
((قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ))، لا يظن الناس أنهم يحصلون الملك بمشيئتهم، فالله تبارك وتعالى هو الذي يؤتي الملك، وهو الذي ينزع الملك؛ أمة مقهورة يصبح جنابها عالياً، كانت لا ذكر لها في التاريخ، ولا يؤبه لها، ثم آتاها الملك، ثم ينزع الله الملك بعد أن تعلو وترتفع ويصبح لها سلطان كبير، ويزيل الله تبارك وتعالى ملكها:((وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ)).
وكم حكى لنا التاريخ عن أقوام عزوا وبزوا، ثم ذلوا وهانوا، والله تبارك وتعالى هو المعز وهو المذل:((َتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) هذا فعله في البشر، وهو الذي يفعل في الكون {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[آل عمران:٢٧].
فإذا التجأ الناس إلى الله، وأقاموا حياتهم على منهجه، فالله تبارك وتعالى يؤتيهم الملك ويعزهم، ويذل أعداءهم، وينزع منهم الملك، فالله تبارك وتعالى هو الحاكم في كونه، والحاكم في خلقه تبارك وتعالى، وعندما نفقه كتاب الله يضعنا كتاب الله في الإطار الصحيح، ويقيمنا على المسار الصحيح، فيبني نفوسنا وعقولنا، ويهذب طباعنا، ويصحح سلوكنا، ويصبح الإسلام منهجاً لحياتنا؛ فنعرف طعم الحياة في ظلال الإسلام على منهج الله تبارك وتعالى.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.