ثم بأمر الله يجري النيل بموسى إلى قصر فرعون الطاغية الذي يبحث عن الوليد؛ ليقتله ويسفك دمه.
قال تعالى:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}[القصص:٨]، أي: لتكون العاقبة أن يصير لهم عدواً وحزناً، وليكون هلاكهم على يديه.
فيأمر فرعون بذبحه، فكيف ينقذه الله سبحانه وتعالى؟! انظر إلى قدر الله كيف يجري، إذا أراد شيئاً؟! قالت امرأة فرعون الملكة التي لها حظوة عند زوجها الملك:{لا تَقْتُلُوهُ}[القصص:٩]، فلقد ألقى الله سبحانه وتعالى المحبة على موسى، بحيث لا يراه أحد إلا أحبه، قال تعالى:{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي}[طه:٣٩] فهذا الطفل الصغير يأسر قلب الملكة، فتقول:{لا تَقْتُلُوهُ}[القصص:٩]، فيجري قدر الله بإبقائه حياً بعد أن أمر الطاغية بقتله؛ لأن الملكة ما قالت لا تقتلوه إلا وفرعون يريد قتله، ثم قالت:{عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}[القصص:٩] فأبقي حياً، تريد أن تتبناه، ثم يصبح ابن الملك والملكة، ويتربى في بيت العز، لا يتربى في بيوت الذل ولا في بيوت المستضعفين؛ لأن القائد لا بد أن يكون شجاعاً، والله يقول:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}[طه:٣٩]، كيف يصنع على عين الله؟ يقدر الله له ظروفاً معينة وبيئة معينة؛ لينشأ فيها صالحاً للقيادة والريادة.