إتيان جبريل محمداً صلى الله عليه وسلم بمهمات غير الوحي
جبريل كان يأتي بالوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحياناً كان يأتيه في مهمات غير الوحي، كان يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم فيدارسه القرآن خلال رمضان، يعني: الآيات التي أوحيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن، كان خلال رمضان يدارسه إياها، يعني: في كل سنة يدارسه القرآن مرة في رمضان، وفي العام الذي توفي فيه دارسه القرآن مرتين، ومعنى يدارسه أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ عليه، ثم يتدارس هو وإياه فيما أوحي إليه، فكان يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم تعليماً عملياً؛ لأنه لا يكفي التعليم النظري، فلا بد أن يتنبه الناس إلى ذلك، خاصة الذين يدعون إلى الله، قد يعلم الإنسان الصلاة والوضوء وفرائضها وشرائطها ولكنه لا يفقه كيف يصلي، كيف يتوضأ، ولذلك حتى نعلم ما يريده الله سبحانه وتعالى تماماً أرسل جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فصلى به وتوضأ أمامه وهو في صورة بشر ثم صلى به الصلوات في يومين، يوم في أول الوقت ويوم في نهاية الوقت كما في الحديث الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(نزل جبريل فأمني) يعني: جبريل هو الإمام والمعلم، قال:(فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ويحسب بأصابعه خمس صلوات) يعني: خمس صلوات في اليوم الأول.
وفي مسند أحمد وسنن الترمذي والنسائي وأبي داود عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أمني جبريل عند البيت مرتين فصلى بي حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك)، والشراك: النعل، يعني: الظل بعد الزوال كان قليلاً، يعني: في أول وقت الظهر، قال:(وصلى بي العصر حين كان ظل الشيء مثله، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظل الشيء مثله -يعني في آخر وقت الظهر-، وصلى بي العصر حين كان ظل الشيء مثليه -يعني: والشمس لم تصفر- وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم)، فصلى به المغرب في وقت واحد دلالة على أن المغرب له وقت واحد، قال:(وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل)، وليس آخر الليل عند الفجر، فالصحيح أن وقت العشاء إلى نصف الليل، وليس إلى الفجر، وهذا الحديث يدل على أن وقت صلاة العشاء إلى ثلث الليل، لكن هناك أحاديث صحيحة تدل على أنه إلى نصف الليل، ثم قال صلى الله عليه وسلم:(وصلى بي الفجر فأسفر، ثم التفت إلي وقال: يا محمد! هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين) أي: بين هذا وهذا صلوا.
وفي مستدرك الحاكم ومسند أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(أتاني جبريل في أول ما أوحي إلي فعلمني الوضوء والصلاة فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من الماء فنضح بها فرجه) أي: أخذ غرفة من الماء فنضح الفرج حتى لا يبقى للشيطان شيء يتعلق به، فيشرع بعد الوضوء أن تنضح فرجك حتى لا يبقى للشيطان شيء يدخل فيه.
فكان يقوم بالأمور العملية ليس فقط للتعليم، وإنما للعمل كذلك، عندما كان يمرض الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأتيه جبريل فيرقيه كما في حديث مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أتاني جبريل وقال: يا محمد! اشتكيت؟ قلت: نعم.
قال: باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من كل نفس وعين حاسد باسم الله أرقيك، والله يشفيك)، ومن ذلك أيضاً أنه حارب مع المسلمين في معركة بدر والخندق وفي غيرها.