للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل المهاجرين والأنصار]

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد بن عبد الله ورسوله.

عندما ذكر الله تبارك وتعالى الفيء الذي أفاءه على رسوله، وأن الذي يستحقه هم الفقراء والمحتاجون، بين الذين يستحقونه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعد عهده فقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر:٨]، فهذا صنف من الناس يستحقون الفيء، وهم المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم، تركوها لينصروا الله ودينه ورسوله، فهؤلاء الصادقون يستحقون من الفيء.

وكذلك الفقراء من الأنصار الذين ذكرهم بقوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر:٩]، فأحبوا المهاجرين، وفتحوا لهم ديارهم، وآثروهم بأموالهم وما عندهم.

وكذلك الذين جاءوا من بعدهم أي: من بعد الأنصار والمهاجرين، وهم التابعون وتابعوهم، وكل من سار على دربهم إلى يوم الدين، وهم الذين عرفوا للمهاجرين والأنصار فضلهم، وأحبوهم ودعوا لهم بظهر الغيب، كما ذكرهم الله بقوله: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ) أي: من بعد المهاجرين والأنصار {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:١٠].

فالمؤمنون يد واحدة، وهم كالجسد الواحد، مهاجروهم وأنصارهم ومن جاء من بعدهم، فيمثلوه أمة واحدة، وقد علمنا الله تبارك وتعالى ذلك حتى نعرف لأهل الفضل فضلهم، ونذكر مآثر من سبقنا، فالسلف الذين كانوا قبلنا نذكرهم بفضلهم، وندعو لهم ونستغفر لهم، فنعرف الفضل لأهله.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وكفر عنا سيئاتنا.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنك قريب مجيب سميع الدعوات.

أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.