يقول الله تعالى:{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ}[الرحمن:٥٦]، فنساء الجنة لم يطمثهن إنس ولا جن، ومما يلحق بالزواج قضية تحدث عنها العلماء وهي: هل يقع الزواج بين الإنس والجن؟ فـ السيوطي رحمه الله يذكر أخباراً عن مجموعة من السلف أنهم حصل في زمانهم مثل هذا، وأنه وقع تناسل بين الإنس والجن، يقول ابن تيمية: وقد يتناكح الإنس والجن ويولد بينهما ولد، وهذا كثير.
لكن على فرض أن هذا ممكن أن يقع فالعلماء يكرهونه ولا يحبذونه، فالإمام مالك رحمه الله يقول: لا يوجد دليل ينهى عن مناكحة الجن غير أني لا أستحبه، لأني أكره إذا وجدت امرأة حامل فقيل: من زوجك؟ قالت: من الجن، فيكثر الفساد، وبعضهم قالوا: إنه حرام لا يجوز؛ لأن الله يقول:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}[النحل:٧٢]، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم:٢١]، فلو وقع فقد يكون في التآلف بينهم صعوبة، والحقيقة أن هذا شذوذ، والشاذ لا يسأل عن هذا الحكم، وأحياناً يجبره الجن على هذا بدون اختياره وبدون إرادته.
فالمسألة لا تحتاج إلى حكم شرعي؛ لأن الذي يبتلى بهذا في غالب الأحيان لا يكون باختياره وإرادته.