الجهاد في بلاد الأفغان مشروع، وهو تحت راية إسلامية بلا شك، ولقد قدم المسلمون هناك نماذج وأمثلة رائعة، ولا يمكن أن يفسر ثبات إخواننا المجاهدين في أفغانستان إلا بتفسير واحد: وهو تأييد الله تبارك وتعالى لهم، وقفوا خمس سنوات أمام دولة عظمى! واستطاعوا أن يثبتوا وأن ينالوا من العدو نيلاً، ويحدثنا الثقات بما تمتلئ به قلوبنا إيماناً، وعملهم هذا كأنه يقول للمسلمين: يا مسلمون! هناك قوة وراء قوة البشر، الدبابات والطائرات والمدافع تؤثر، ولكن القوة القليلة إذا كان معها الإيمان فإن الله تبارك وتعالى ينزل عليها النصر، ويحقق بها في الأرض المعجزات.
وإذا احتاج المجاهدون الأفغان إلى جهود المسلمين فينبغي للمسلمين أن يقدموا لهم ما يحتاجون إليه، وعلى الأغنياء أن يقدموا من أموالهم ما يكفي المجاهدين، والمسلم الغني الذي عنده فضل من المال ولا يقدم لإخوانه المجاهدين هناك آثم، وينبغي أن تسد حاجة المجاهدين من السلاح والعتاد والطعام والشراب، وكل ما يحتاجون إليه، وعلى المسلمين أن يقدموا الكفاءات التي يحتاجها المجاهدون، مثل: الكفاءات العسكرية المدربة، والكفاءات العلمية في الإعلام والتوجيه، وكل الكفاءات التي يحتاجها المجاهدون الأفغان يجب أن توفر لهم.
أيضاً: ينبغي أن يوفر للمجاهدين المقاتلون، لكن لا نذهب ونكون عبئاً عليهم، مثلاً: وصل إلى بلاد الأفغان في شهر من الشهور خمسون ألفاً من المجاهدين، وليس معهم من الطعام ما يكفيهم، ولا من العتاد ما يكفيهم، ولا من الشراب ما يكفيهم، وإذا جاء ثلاثة أضعاف الجيش مدد، ولم يأتوا معهم بطعام، ولا بشراب، ولم يأتوا بعتاد، فماذا سيحدث للجيش؟! الطعام الذي كان سيكفيهم شهراً انتهى في ثمانية أيام، وأصبحوا عبئاً بعد ذلك! إذاً: فالقضية تحتاج إلى شيء من التنظيم، ولابد أن يسأل القائمون على العمل الجهادي: ماذا تريدون؟ فإذا كانوا ليسوا بحاجة إلى الرجال فلا أخرج فتوى أقول فيها للمسلمين: كل مسلم عليه أن يأتي إلى أرض الأفغان، إلى الآن اللاجئين من الأفغان الذين في باكستان لا نجد لهم الطعام والشراب، فلو ذهب إليهم خمسة ملايين من المسلمين فإنهم سيأكلون قوت الأفغان الموجودين هناك، ويموت الجميع من الجوع! المقاتلون الأفغان الذين يستطيعون أن يصنعوا ما لا نستطيع أن نصنعه كثيرون ومتوافرون، لكن تنقصهم كفاءات، فممكن أن يقولوا: أرسلوا لنا مائة طبيب أو مائتي طبيب، أرسلوا علماء وموجهين، أرسلوا خبراء ومدربين عسكريين، أرسلوا مالاً نشتري به السلاح وهكذا.
إذاً: فالجهاد لا يكون بدون تخطيط وتنظيم، نعم الجهاد واجب، والجهاد قد يكون فرض عين، لكن فرض عين على الكفاءات التي يحتاجها المجاهدون، فإذا كان الميدان يحتاج إلى الجنود والضباط والقادة الحربيين المخططين؛ فيجب عليهم الجهاد، ويتم إرسالهم عبر قنوات، ما يذهب الأخ بلا ترتيب، وعندما تخرج فتوى: يجب أن تذهبوا! وبعد أن نذهب إلى هناك سنجد أنهم ما استفادوا من طاقاتنا، وأننا أصبحنا عبئاً عليهم! إذاً: فلا بد أن تصدر الفتوى الشرعية بعد أن يتبين للمفتي كيف تسري في واقع الحياة.