الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
السيد/ وزير الأوقاف والشئون الإسلامية.
إخواني الذين لبيتم دعوتنا لافتتاح المؤتمر الأول لجمعية إحياء التراث الإسلامي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخواني وأخواتي! بالنيابة عن جمعية إحياء التراث الإسلامي، أود أن أشكر السيد/ وزير الأوقاف والشئون الإسلامية على تفضله بافتتاح هذا المؤتمر، وأشكر الأخوة العلماء على تلبيتهم دعوة الجمعية لإلقاء المحاضرات، وأرحب بالإخوة الذين قدموا من خارج الكويت ومن داخلها لمشاركتنا هذا الحفل.
وبعد: فإن المتابع لأحوال المسلمين اليوم في مشارق الأرض ومغاربها يرى أن العالم الإسلامي قد وصل الى درجة كبيرة من الشتات والوهن والضعف، فقد تمزقت أمة الإسلام وتفرقت كلمة المسلمين، وأصبحوا فريسة لأعدائهم من شرقيين وغربيين، يسومونهم المذلة في كل مكان، وها نحن نرى ونسمع كل يوم ما يحل بالمسلمين من نكبات، ففي فلسطين يشرد اليهود البقية الباقية من الشعب الفلسطيني، وفي أفغانستان يشرد الأعداء شعباً وأمة، وفي كل مكان يلحق المسلمين الذل والهوان، ولما كان آخر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها، وهو أن نربي جيلاً جديداً على الكتاب والسنة، وأن تسري في المسلمين روح جديدة تعيد للأمة شبابها ونظارتها، وإن كان هناك بحمد الله صحوة إسلامية مباركة في كل العالم الإسلامي، إلا أن جمعية إحياء التراث الإسلامي أيضاً قافلة جديدة تستهدف نشر تراث أمتنا الإسلامية الخالدة، وبعث علومها وأخلاقها وآدابها وعقيدتها؛ ليكون ذلك هادياً ومرشداً لشباب الأمة المتوجه نحو الدين؛ حتى لا تتفرق بهم السبل وتختلف عليهم الطرق.
وإن قيام جمعية إحياء التراث هو دليل جديد بحمد الله على أن أمتنا عازمة أن تصل حبل آخر هذه الأمة بماضيها المجيد، ليكون في الأمة أمثال خالد وأبي عبيدة وابن مسعود وابن عمر وابن عباس، الذين حملوا مشاعل النور والهداية، وراية المجد والعزة، فالإسلام لم يعد نقياً صافياً كما أنزل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد أدخل فيه كثير مما ليس منه وخاصة في مجال العقيدة، ولعل الصفة الغالبة اليوم على أغلب المسلمين عدم وضوح العقيدة في أذهانهم، هذا إن لم تكن الصفة الغالبة عليهم الانحراف العقائدي، لذا لا بد من بيان ومعرفة العقيدة السليمة الصافية، كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم معرفة العقائد والأفكار الدخيلة على الإسلام، انطلاقاً من قول الله عز وجل:{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}[الأنعام:٥٥].
إنني ما انتدبت إلى الحديث في موضوع من الموضوعات إلا وأحسست أن من حق الذين انتدبوني والذين يسمعون لي أن أعطي الموضوع حقه، فأنا أعلم كم من الوقت يبذله الذين يحضرون لمثل هذه المؤتمرات والمحاضرات، وأعلم أن وقت الذين يحضرون هذه المحاضرات ثمين، فالوقت هو الحياة، وقد ازداد إحساسي بثقل المسئولية في هذا الموضوع الذي أتكلم فيه، إذ أنه موضوع خطير.