ليس هناك من سبيل هو أقوم وأقوى في معرفة الجن من دراسة الكتاب والسنة، وأخذ المعلومات الموجودة في الكتاب والسنة عن الجن، وبعض الناس يقولون: لا ينبغي أن نبحث في قضايا الجن، فـ سيد رحمه الله في الظلال أحياناً كان يقول: لا أحب أن أتعمق في دراسة هذا البحث، وصحيح أنه لا يجوز أن نتعمق فيه بعقولنا، لكن لا مانع من دراسة النصوص التي تؤدي بنا إلى معرفة هذا العالم، فدراسة هذا الأمر بعقل مجرد خطأ، لكن جمع النصوص عنهم ودراستها أمر علمي سليم ليس فيه شيء.
فأول شيء النصوص، ثم المشاهدات وخاصة مشاهدات الثقات، وعلماء السنة الكبار لهم مشاهدات في هذا الأمر متواترة، كـ الأعمش رحمه الله في رواية يقول ابن كثير عن إسنادها: سألت عن هذا الإسناد شيخنا الحافظ المزي فقال: هذا الإسناد صحيح إلى الأعمش، يعني: أن الرواية عن الأعمش سليمة صحيحة، يقول الأعمش: تروح إلينا جني-أي: جاء يزورني -فقلت لهم: ما أحب الطعام إليكم؟ قال: الأرز، قال: فأتيناهم به فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحداً، فقلت: فيكم من هذه الأهواء التي فينا، أي: هل عندكم من هذه الفرق المختلفة مثل الرافضة والخوارج وما أشبه ذلك؟ قال: نعم، قلت: فما الرافضة فيكم؟ قالوا: شر.
ثم قال: وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة العباس بن يحيى الدمشقي قال: سمعت بعض الجن وأنا في منزل لي في الليل ينشد: قلوب براها الحب حتى تعلقت مذاهبها في كل غرب وشارق تهيم بحب الله والله ربها معلقة بالله دون الخلائق وكثير من الناس الذين نعرفهم يذكرون أشياء من هذا القبيل، فالجن لا نراهم ولكن هناك بعض الأحياء يرون الجن كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنهم يرون ما لا ترون) فالديكة يرون الملائكة، والكلاب والحمير يرون الشياطين.