للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الخروج على الحكام]

السؤال

كيف أبريء ذمتي أمام الله حينما يسألني عن منكر الحكام في بلادي ولم أكن قد غيرت المنكر؛ لأن العلماء يقولون: لا يجوز مناهضة الحاكم حتى تروا كفراً بواحاً؟ وما هو الكفر البواح؟

الجواب

تغيير المنكر مراتبه ثلاثة كما في الحديث: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) وفي رواية أخرى: (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).

أخي الكريم! أنت في أمريكا، فلماذا لا تغير الباطل الموجود في أمريكا؟ لماذا لا تقيم دولة الإسلام في أمريكا؟ لماذا لا تغير الشارع في أمريكا؟

الجواب

أنك لا تستطيع، وهل سيحاسبك الله تبارك وتعالى لأنك ما استطعت هذا؟! لن يحاسبك على هذا، لكن هل ترضى بهذا الباطل؟ إن رضيت به فلست بمسلم، لكن هل تستطيع أن تبين؟ نعم تستطيع، فبين وأقم الحجة، عندما أتينا من المطار كانت امرأة عجوز تقود بنا السيارة، فقلت للأخ الذي معي: كلمها حتى نعرض عليها شيئاً من الإسلام، فأنا مهمتي أن أبين لها الدين، وبعد ذلك هي يوم القيامة تأتي وقد بينت لها، وفعلاً استطعنا أن نفهمها ما هو ديننا وإسلامنا، وما هي عقيدتها، ومن هو عيسى، وهي امرأة عجوز في الستين من عمرها، وظهر منها نوع من الاستجابة، وإن كانت استجابة شكلية، أي: (مجاملة)، لكن المهم أنني أقمت عليها الحجة في تلك اللحظات التي كنت معها في السيارة.

كذلك أي إنسان منكم يستطيع أن يبين الإسلام في الطائرة، وفي السيارة، وفي كل مكان فليفعل، أحد الإخوة الباكستانيين قال لي: ماذا تصنع؟ وماذا تعرض على هؤلاء؟ قلت له: القضية سهلة، أقول له: أنا مسلم، وأرسل له رسالة تبين الإسلام ببساطته، وأعرض عليه القضايا الأساسية وليس الفرعية، فأقول: هناك رسول اسمه محمد صلى الله عليه وسلم، أرسل من عند الله، وأنزل عليه القرآن، وأنت عبد لله ينبغي أن تطيع الله، وإن أطعت لك الجنة، وإن لم تطع فلك النار.

ولو سألنا: الرسول صلى الله عليه وسلم كيف أقام الحجة على كسرى وعلى قيصر؟ أرسل رسالة فيها: من محمد رسول الله، وفيها: أسلم تسلم، فإن أبيت فإن عليك إثم رعيتك، وبهذه الرسالة أقيمت الحجة عليه.

فأنت إذا كنت لا تستطيع القول فعلى الأقل أنكر بقلبك.

كذلك عندنا في ديارنا إذا كنت تستطيع أن تفعل ما تشاء، وتصول وتجول في ديارنا، وتستطيع أن تغير الفساد، وتجعلها دولة إسلامية؛ فهذا واجب عليك، وإذا كنت لا تستطيع فعليك أن تضع يدك في يد العاملين، وتعمل معهم بقدر استطاعتك، أما أن تقول: أنا إذا ما غيرت الباطل في أمريكا فالله يعاقبني يوم القيامة؟ لا، كان حول الكعبة ثلاثمائة وستين صنماً، والرسول صلى الله عليه وسلم بقي ثلاث عشرة سنة في مكة وما غيرها، وعندما جاء أوان التغيير وكان له القدرة على التغيير كسرها وقرأ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء:٨١]، فكل شيء له أوانه.