إن نجاح المسيرة في أن تتبوأ مركز القيادة والتوجيه، وتعيد للأمة دورها في عالمنا، مرهون باستقامتها على المنهج الصحيح، فانحرافها عن الطريق المرسوم يجعلها لا تصل إلى الهدف المنشود، وإذا وصلت فإنها ستصل بعد زمن طويل؛ بسبب طول الطريق الذي سببه الانحراف.
إن نجاح المسيرة يتحقق بأمرين: الأول: الهداية إلى الصراط المستقيم، وذلك يكون بالتعرف عليه، ومعرفة حدوده وأبعاده، وقد شرع الله لنا أن ندعوه دائماً أن يهدينا إلى الصراط المستقيم، فنحن دائماً نردد في صلاتنا وفي خارج صلاتنا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:٦ - ٧]، وكان المعصوم صلوات الله وسلامه عليه عندما يقوم من الليل يسأل ربه الهداية قائلاً:(اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم).
الثاني: اتباع هذا الصراط المستقيم وعدم الميل عنه يميناً أو شمالاً، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام:١٥٣]، والاستقامة على الطريق أمر في غاية المشقة والصعوبة؛ ذلك أن النفس الأمارة بالسوء، والدنيا المليئة بالمغريات، وشياطين الجن والإنس، كل أولئك يحاولون أن يحرفوا المسيرة، وأن يحرفوا العاملين بها عن الدرب القويم، ولذلك كانت أشق آية أنزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم كما يقول ابن عباس هي:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[هود:١١٢].