إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهدا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً، يرضى الله لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تنصحوا لولاة أموركم، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال).
معلوم: أن الله تبارك وتعالى لا يرضى لعباده إلا ما يصلحهم، ولا يكره لهم إلا ما يفسدهم، فكل ما رضيه الله تبارك وتعالى لنا ففيه الخير والصلاح والبركة؛ لأن الله تبارك وتعالى رحيم بعباده، لا يرضى لهم إلا ما فيه الخير والصلاح، قال تعالى:{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}[الزمر:٧]، فالله تبارك وتعالى رضي لنا الإيمان والشكر وكره لنا الكفر، وفي ذلك خيرنا وسعادتنا.
يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن ربنا رضي لنا ثلاثة أمور عظيمة: الأول: (أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً) وهو التوحيد والإخلاص.
الثاني:(أن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وحدة الأمة بالاستمساك بكتابها، وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، وفي مقابل الاعتصام بالكتاب والسنة: الفرقة والخلاف.
فالله تبارك وتعالى يحب من أمة الإسلام أن تكون أمة واحدة مجتمعة على كتاب ربها، وسنة رسولها صلى الله عليه وسلم.
الثالث:(وأن تنصحوا لولاة أموركم) وكذا لخليفة المسلمين وإمامهم، وكذا حكام الدولة الإسلامية يناصحوا بأن يستقيموا على منهج الله، وأن يحكموا شريعته، فإذا ما شذ شاذ نبهه منبه، ونصحه ناصح، ووعظه واعظ.
(وكره لنا ثلاثاً: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال).
هذه التي يكرهها الله تبارك وتعالى هي أمراض تضيع وقت الناس في أمور لا تغني، قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، فأما أن يكثر الإنسان من الأسئلة في الأمور التي لا تنفع فهو كما حدث من بني إسرائيل، قال تعالى:{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}[البقرة:١٠٨]، وكذلك إنفاق المال فيما لا يحل، أو تبذيراً وإسرافاً، فتضيع ثروة الأمة، وتكون الأمة ذليلة بعد أن كانت عزيزة.
وأما قيل وقال، فإضاعتها للأوقات أمر ظاهر، بل قد تكون طريقاً للحرام.