هل يجوز أخذ الربا من البنوك وإرساله للمجاهدين وغيرهم؟ وسؤال آخر في نفس الموضوع وهو: أن بعض الناس يأخذون قروضاً من البنوك فيتزوجون بها، فما حكم من يتزوج بقرض ربوي مع العلم بأن البنك المقرض يتعامل بالربا، ويأخذ فائدة على هذا القرض؟ وهل هذا الزواج حرام؟ وإن كان حراماً فما حكم الأطفال الذين يولدون من هذا الزواج؟
الجواب
قال الله:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة:٢٧٥] فالربا حرام، والذي يتعامل به ثم يتصدق بالفائدة مثل اللص الظريف في الروايات البوليسية، لا يسرق إلا من المجرمين ليعطي الفقراء والمساكين! هذه طريقة مرفوضة في ديننا، ومثل ذلك أن يعمل في القمار، أو امرأة تتاجر بعرضها ثم تأخذ هذا المال وتتصدق به، هذه طريقة مرفوضة غير مقبولة؛ لحديث (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً).
ولو أن إنساناً وضع ماله في البنوك الربوية ثم تاب، فهل يأخذ الفوائد الربوية التي قد تبلغ عشرات الآلاف أو الملايين؟ في هذه الحال نقول له: خذ المال، لكن ابتداءً لا تعطي البنك المال ليأخذ منه ربا، ولو بقصد أن ترسله للمجاهدين.
لكن لو أن إنساناً وضع ماله في البنك، وبعد ذلك تاب، وكانت الفائدة ملايين، فإن أبى هذا الرجل أن يأخذها قد تحول إلى الكنائس.
ففي هذه الحال نقول: لا تتركها للبنك؛ لأن البنك ليس صاحبها، ولا تأخذها أنت فأنت لست صاحبها، والمال الذي ليس له صاحب يذهب إلى بيت مال المسلمين، فإن لم يكن للمسلمين بيت مال فيذهب إلى المستحقين من الفقراء والمجاهدين وغيرهم.
ولا يجوز للإنسان أن يأخذ قرضاً ربوياً من البنك ليتزوج، والربا حرام، لكن الزواج ليس له دخل في هذه القضية، الزواج ما دام أنه عقد على التراضي وإن كان المهر في أصله حراماً، فهو صحيح، والمرأة لا تملكها بالمهر، فلو دفعت لها خمسمائة دينار هل تكون قد ملكتها؟ لا، أساس الزواج في الإسلام التراضي، هذا هو الأساس الأول؛ ولذلك لو أن امرأة قالت لك: أنا أريد مهراً نصف دينار فقط، فالزواج صحيح، جاء اثنان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في زواج وكان المهر نعلين! فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة:(أرضيت من نفسك بنعلين؟ قالت: نعم، رضيت يا رسول الله)! فأقر الزواج.
وفي الحديث الآخر:(زوجتكها بما معك من القرآن) فالقضية الأساسية هي التراضي، لكن كونك تتزوج من الربا فهذا حرام، لكن الزواج صحيح، ولا يبطله الربا، والأولاد ليسوا بأبناء زنا.