للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإسلام هو الطريق الصحيح]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

موضوعنا اليوم هو: باب الانحراف في المسيرة الإسلامية ونتائجه.

إن المسيرة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي هي الأمل الذي ينعقد عليه الرجاء في إعادة الحياة الكريمة لهذا العالم، وعليه ينعقد الرجاء لحل مشاكل العالم الذي دمره القلق والصراع، وتسلط عليه شياطين الجن والإنس.

ولقد جرب عالمنا الإسلامي مختلف الأنماط في عصره الحاضر، وتسلطت على رقابنا جماعات وأحزاب وعدتنا بأنها ستعيد إلينا عزتنا ومجدنا، وأنها ستنهي مشاكلنا الاقتصادية، وأنها ستجمع شملنا وتوحدنا، لكنا إذا نظرنا اليوم إلى حالنا فإننا لا نرى إلا فرقة وانقساماً، نرى الأمة الواحدة أصبحت أمماً، والدولة الواحدة أصبحت دولاً، وازداد الفقر والتعاسة في كثير من ديار المسلمين هنا وهناك، لقد فشل دعاة الوطنية والقومية، وفشل من بعدهم الاشتراكيون والبعثيون، ولم يبق إلا الإسلام.

لقد نجح الإسلام في الماضي عندما حكم هذه الديار في إيجاد مجتمع مثالي في عالم البشر، ولقد أوجد كياناً سعدت به البشرية، وترعرعت في جنباته الفضائل والقيم الصالحة، وتناسى المسلمون في ظله العصبيات للأقوام والأجناس والأوطان، وكان ولاؤهم فيه للحق، ثم ضيع المسلمون دينهم وتركوه إلى عادات موروثة، وفلسفات وتوجيهات وافدة، فكانت ضياعاً ودماراً، وكانت فرقة وشتاتاً، وكان التسلط من الأعداء، وحصلت الهزائم العسكرية والفكرية والاقتصادية.

ثم صحا المسلمون من جديد في هذا العصر، فحاولوا أن ينظموا صفوفهم، ويلتمسوا طريقهم؛ ليحملوا الراية من جديد، ولكن الطريق مليء بالصعاب، ومحفوف بالمخاطر، فالأعداء المتربصون بنا من كل جانب يرقبون حركاتنا، ويقرءون كتاباتنا، ويدرسون فكرنا، ثم يأتمرون ويخططون، فيرسلون إلينا سهامهم، وبعض سهامهم رجال من هذه الأمة، كي يفرقوا ويقتلوا ويدمروا، وقد أصيبت جموع كثيرة من رجال الدعوة بسهام الأعداء ومكرهم وخديعتهم، وكذلك الجهل والمرض الذي يعاني منه المسلمون في مختلف بقاع العالم الإسلامي، فإنه يؤخر المسيرة، ويضعف الصف، ويجعلنا نعاني معاناة هائلة ونحن نشق طريقنا إلى الأمام، وأخطر من ذلك كله الانحراف الذي يصيب المسيرة من داخلها، فذلك أخطر ما تعاني منه المسيرة الإسلامية.