وهؤلاء المتحضرون المتمدنون في ديارنا فريقان: فريق يظن أن هذا هو الحق ولا حق غيره، وأن ما أنزله خالق السماء والأرض إنما هو جمود وتأخر ورجعية وهمجية، ويظنون أن التقدم والرقي عند كارتر وأشباهه، أما محمد صلى الله عليه وسلم فلا يفقه في الحضارة شيئاً، وأبو بكر وعمر جاهلان، وهكذا ظنوا المدنية، وما هم إلا جهلاء.
وفريق آخر ليس جاهلاً بالإسلام وحضارة الإسلام وما قدمه الإسلام من مدنية ومجد ولكنه ماكر وعدو وحاقد، يريد أن يفهم المسلمين غير الحقيقة، وأن يغرس الشبهات والشكوك في نفوس المسلمين.
فنحن نريد أن نكشف الشبهات، والدجل الذي يحيط بهذه الحقائق، وأن نوضح للناس الحق.
وبعد أن أنعم الله علينا بنعمة البصر أيكره أحد منا الشمس؟ لا والله، فلو كنا نعيش في الظلام لكنا نخشى نور الشمس، أما وقد أعطانا الله بصراً، ورأينا الشمس واستمتعنا بنورها فإننا لا نخشى الشمس أبداً.
وكذلك الذين نعموا بنور الإسلام وبنعمة الإسلام، فإن حب الإسلام سيدخل في سويداء قلوبهم، وسيتغلغل في أعماق نفوسهم، فلو وضع السيف على رقبة المسلم فلن يرجع عن دينه؛ لأنه يحبه حباً يملك عليه نفسه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(كان الرجل ممن قبلكم يؤتى بالمنشار فيوضع في مفرق رأسه، ويقال له: ارجع عن دينك فلا يرجع عن دينه حتى يسقط شقاه، وكان يمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه فلا يرجع عن دينه)، وحفرت الأحافير وخدت الأخاديد لأصحاب الأخدود وجيء بهم جماعات وفرادى، وقيل لهم: ارجعوا عن دينكم وإلا نلقيكم في النار فلا يرجعون، وتأتي امرأة بوليد لها فترتجف من النار فينطق الله الوليد ويقول: يا أماه إنك على الحق فلا تخافي.