وفي بلاد أخرى كالهند عبد الناس هناك الأشجار والأحجار والثعابين والفئران، وقال فلاسفتهم بوحدة الوجود.
وكانت عندهم الديانة البرهمية التي تزعم أن طبقة البراهمة خلقوا من رأس الإله (براهمان)، وأن طبقة الجند خلقوا من منكبيه وذراعيه، والزراع والتجار والعمال من فخذيه، والأرقاء من قدميه، ومنعوا ارتفاع الإنسان إلى طبقة فوق طبقته، وقال فلاسفتهم بالتناسخ، وهو أن روح الإنسان بعد الموت قد تحل في ابنه أو أخته أو أخيه أو في إنسان آخر، أو حتى في خنزير أو كلب، ولهم في ذلك فلسفات يضيق الوقت عن ذكرها.
وأله هؤلاء الناس البشر وعبدوهم من دون الله عندما زعموا أن الآلهة تحل في بعض البشر، أو أن بعض الملوك من نفس الآلهة، كما كان ملوك المصريين القدامى ينصبون أنفسهم آلهة تقدم لهم الهدايا والقرابين، ويُعبدون في المعابد، وقد قال فرعون لأهل مصر:{أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}[النازعات:٢٤]، وقال لهم:{مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}[القصص:٣٨].
ولقد قامت في بلاد فارس ديانات كثيرة، ومن أقدمها عبادة (زرادتش) في القرن السابع قبل الميلاد، وقد ادعوا (زرادتش) إلهاً وضعوا حوله الأساطير.
ثم جاء (مانو) بعد الميلاد بأكثر من مائتي عام وقال بقدم النور والظلمة وأنهما إلهان، وادعى مانو أن الجسد سجن للروح، ولا بد من تخليص الروح من سجنها وذلك بإبادة الجنس البشري، وهذه فلسفة من فلسفاتهم، فما كان من الملك -وقد سمع بدعواه- إلا أن أمر الجلاد أن يقص رأسه؛ ليخلص روحه من سجنها.
ثم جاء مزدك بالشيوعية، ونادى بأنه لا زواج، بل تباح النساء والأموال من غير ضابط، ونادى بإلغاء القوانين؛ بحجة أنها تحول بين الإنسان وبين ما يشتهي، وقال بألوهية النور والظلام، فكانت النيران لا تخبو من المعابد، وكان الفرس يسجدون لها.