للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بدء الصراع بين الحق والباطل]

ولما جاء موسى بآيات الله البينات إلى فرعون وقومه قالوا: هذا سحر مفترى وردوا الحق، وحصل صراعٌ بين موسى ومعه المؤمنون وبين فرعون وقومه، فقال الله سبحانه وتعالى مبيناً إعراض فرعون وطغيانه: {وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [القصص:٣٧]، فماذا كان رد فرعون؟ {َقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:٣٨]، وانظروا إلى تجرؤ فرعون وطغيانه، فهو لم يكتف بهذا، بل قال: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} [غافر:٣٦]، أي: بناءً عالياً مرتفعاً، لماذا؟ قال: {لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [القصص:٣٨]، أي: يريد أن يطلع إلى السماء؛ استخفافاً بقومه وتضليلاً لهم، {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [القصص:٣٨] والتضليل من صفات الحكام الظلمة؛ فالحكام الظلمة تجدهم يتلاعبون بالألفاظ؛ ليغطوا على عقول الناس حتى لا يفقهوا الحقيقة، ولا يفهموها.

قال تعالى: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} [القصص:٣٩ - ٤٠]، أهلكهم الله سبحانه، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ} [القصص:٤١ - ٤٢].

وهكذا جرى قدر الله سبحانه وتعالى في تكوين القائد، وفي تحمله الدعوة، وفي مواجهته للطغاة الظلمة، وفي إهلاكه للظالمين، وهذا دائماً يتكرر في كل عصر وجيل.