لقد نشأ الوليد في بيت الطاغية الجبار الذي يقتل الأطفال بحثاً عن هذا الطفل الصغير؛ حتى يريه الله سبحانه وتعالى ضآلته وحقارته، وقلة علمه وبصيرته وفهمه، ويتربى موسى على الشجاعة والعزة والكرامة، والوقوف أمام كبار المجرمين الذين كانوا أعواناً لفرعون، وهذا إذا لم يتوافر في القائد، فإنه لا يستطيع أنْ يربي أمة، وإذا كان قائد الدولة أو الجيش ذليلاً مهاناً، فإنه لا يستطيع أن يربي أمة ولا يستطيع أن يخرجها إلى العزة والكرامة.
قال تعالى:{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}[القصص:١٤]، وهذه هي فترة التكوين والتربية للقائد؛ لأن الإنسان إذا تربى على النعيم والترف المستمر، فإنه لا يستطيع مواجهة الصعوبات، فلا بد أن يتعود على الخشونة والشدة فيقدر الله قدره، فلابد لموسى أيضاً من مرحلة ثانية ليصنع على عين الله:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}[طه:٣٩].