الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد عبد الله ورسوله، وبعد: جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يشكو عبيده فقال: (يا رسول الله! إن لي غلماناً يعصونني ويخونوني ويكذبون علي، فأضربهم وأشتمهم، فكيف أنا منهم يعني: ما حالي وحالهم؟ قال: يُحسب ما خانوك وعصوك وعقابك إياهم، فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافاً لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلاً لك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل، فجلس الرجل يبكي ويقول: يا ويلي! ما لي ولهم؟! ثم قال: يا رسول الله! أشهدك أنهم أحرار).
فكل شيء بميزان، وموازين الله عز وجل عادلة، فهناك موازين للذهب والمعادن الثمينة يسمونها في هذه الأيام موازين حساسة، لكن الموازين عند الله أعدل وأدق.
فيوزن الرجل وتوزن أعماله، ويؤتى بالرجل السمين الضخم يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، ولا يزن شيئاً، ويأتي الرجل بحسنات أمثال الجبال فيأخذها الناس؛ لأنه ظلم الناس وافترى عليهم، ففي ذلك اليوم يقتصون منه فيأخذون من حسناته.
فهناك أناس يأتون بحسنات أمثال الجبال من صلاة وصيام، لكن يذهب الله بحسناتهم هذه؛ لأنهم كانوا كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(إذا خلو بمحارم الله انتهكوها) أي: يعتدون على حرمات الله في السر، ولا يحفظون حقوق الله، فهؤلاء سيئاتهم تذهب حسناتهم.
فهناك يوم يوزن فيه العباد وأعمال العباد وفق مقاييس عادلة، كما قال عز وجل:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}[الأنبياء:٤٧].
وفي الحديث القدسي:(إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).