إن العقيدة هي الأساس التي تقوم عليه الأديان والمذاهب والمبادئ، وقد قيل قديماً:(الإنسان أسير أفكاره ومعتقداته) ولا زالت عقائد البشر هي التي تسيرهم، ومن خلالها ينظرون إلى الوجود والحياة والمجتمعات الإنسانية، وعلى أساسها يقيمون الأنظمة والقوانين، ويضعون القواعد والقيم والموازين.
ولم يزل المستبدون والطغاة يتلاعبون بعقائد الناس؛ لتتيسر لهم السيطرة عليهم، فعلى الرغم من أنني كتبت في موضوع العقيدة عدة مؤلفات، إلا أن خطورة الموضوع الذي أتناوله تفرض علي أن أعود إلى التفكير فيه مرة أخرى، وأعود للنظر في التراث العقائدي وفي مصادره، ولقد نظرت في هذا التراث نظرتين: نظرة في التراث الإنساني، ونظرة في التراث الإسلامي، وعشت مع المؤلفات التي تعرضت لعقيدة هذين التراثين وقتاً ليس بالقصير، ولقد رأيتني وأنا أجول بنظري وفكري في كتب التراث كرجل قابع فوق قمة جبل على شاطئ بحر لجي محيط، وأنا أنظر في عقائد أهل الملل والنحل في القديم والحديث، وكيف نشأت وتفرعت؟ ثم كيف تلاشت وفنيت؟.
فتخيلوا أنني ذلك الرجل الذي يشاهد أمواج البحر، فإذا هي لا تحصى كثرة، وهي تنشأ وتتلاشى، ثم تتعارض وتتصادم، وهي في ذلك كله لا تتوقف لحظة، بل كل الذي يحدث أن البحر قد يهدأ في بعض الأحيان فتكون الأمواج هادئة، وقد يثور فإذا بالأمواج كالظلل أو كالجبال، ولست مبالغاً في الوصف، بل هي الحقيقة التي أدركتها.
ومن طالع ما كتبه الكاتبون في تاريخ العقائد، وما كتبوه في تاريخ الفكر الإنساني، وما كتب في الملل والنحل يعلم صدق ما أقوله.