للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العوائق في طريق العبودية]

وهناك أمور كثيرة تحاول أن تبعدنا عن الهدف الذي ينبغي للمسلم أن ينذر نفسه له، وأن يكون عبداً لله حتى يتوفاه.

فالمال يشد الإنسان في كثير من الأحيان ويعمي ناظريه، فتتلجلج الدروب.

والزوجة والأولاد كذلك؛ ولذلك فقد أخبر الحق أن الزوجة والأولاد -في بعض الأحيان وليس دائماً- يكونون أعداء للإنسان؛ لأن الله يدعوك إلى جنته ورضوانه، وتلك بالنسبة لك قضية كبرى، فليست قضية صغرى أن تدخل جنة الله وأن يرضى الله عنك، بل هي قضية خطيرة، فإذا وجد من يصرفك عن هذه القضية الخطيرة إلى قضية جزئية هامشية فهذا ليس بمحب لك، بل هو عدو لك، فقال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [التغابن:١٤]، فقال: (من) وليس كل الأزواج، بل بعضهم {وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن:١٤] فبعض الأزواج والأولاد عدو، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن الولد: (مجبنة مبخلة) فالولد يجعل الإنسان جباناً، ويجعل الإنسان بخيلاً، فيخشى الأب على ابنه ألا يجد له طعاماً، وألا يجد له كساءً، وألا يجد له مسكناً، فيقبض يده عن البذل في سبيل الله، ويقبض يده عن العطاء، فلا يبذل في سبيل دينه، ولا يبذل في المجالات التي أمر الله بالبذل فيها، فيجبن ويبخل.

ففي بعض الأحيان يكون الأولاد والزوجة أعداءً؛ ولذلك أمرنا الله تبارك وتعالى أن نحذر من هذا الصنف الذي يصرفنا عن طاعة الله تبارك وتعالى، وليس معنى ذلك أن تقتلهم لأنهم أعداء، أو أن تطردهم فالعداوة هنا في قضية جزئية، فهم يحبونك ويحبون لك الخير، ولكنهم يجهلون سبيل الخير ودروبه، ولذلك قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا} [التغابن:١٤] فينبغي لك أن تستمسك بإسلامك، وأن تمضي على منهجك، وأن تقوم هؤلاء لا أن تنحرف معهم، وليس السبيل أن تعاقبهم، ولكن السبيل أن تفقههم، وأن تمضي بهم إلى الجنة، لا أن تجعلهم يمضون بك إلى النار.

ثم يقول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن:١٥] أي: ابتلاء واختبار، {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن:١٥].