للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أن يستحكم ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية، ولكنه يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زاد، فهذا محل نظر.

وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه.

(٤) طلاق الهازل (١) والمخطئ:

يرى جمهور الفقهاء أن طلاق الهازل يقع، كما أن نكاحه يصح، لما رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة ".

وهذا الحديث وإن كان في إسناده عبد الله بن حبيب، وهو مختلف فيه، فإنه قد تقوى بأحاديث أخرى.

وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوع طلاق الهازل.

منهم: الباقر، والصادق، والناصر.

وهو قول في مذهب أحمد ومالك، إذ أن هؤلاء يشترطون لوقوع الطلاق الرضا بالنطق اللساني، والعلم بمعناه، وإرادة مقتضاه، فإذا انتفت النية والقصد، اعتبر اليمين لغوا، لقول الله تعالى: " وإن عزموا الطلاق، فإن الله سميع عليم (٢) ".

وإنما العزم ما عزم العازم على فعله، ويقتضي ذلك إرادة جازمة بفعل المعزوم عليه، أو تركه ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إنما الاعمال بالنيات ".

والطلاق عمل مفتقر إلى النية، والهازل لا عزم له ولانية.

وروى البخاري عن ابن عباس: " " إنما الطلاق عن وطر (٣) ".

أما طلاق المخطئ، وهو من أراد التكلم بغير الطلاق فسبق لسانه إليه.


(١) الهازل: هو الذي يتكلم من غير قصد للحقيقة، بل على وجه اللعب ونقيضه الجاد، مأخوذ من الجسد.
(٢) سورة البقرة آية: ٢٧.
(٣) قال الحافظ: أي أنه لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته إلا عند الحاجة كالنشوز.
وقال ابن القيم: أي عن غرض من المطلق في وقوعه - رسالة الطلاق: ص ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>