ومن كل صلاة وربما كان يطيلها حتى لا يسمع وقع قدم، وكان يطيل صلاة الصبح أكثر من سائر الصلوات.
وهذا، لان قرآن الفجر مشهود، يشهده الله تعالى وملائكته.
وقيل: يشهده ملائكة الليل والنهار.
والقولان مبنيان على أن النزول الالهي، هل يدوم إلى انقضاء صلاة الصبح أو إلى طلوع الفجر؟ وقد ورد فيه هذا وهذا.
وأيضا، فإنها لما نقص عدد ركعاتها جعل تطويلها عوضا عما نقصته من العدد، وأيضا فإنها تكون عقيب النوم والناس مستريحون، وأيضا فإنهم لم يأخذوا بعد في استقبال المعاش وأسباب الدنيا، وأيضا فإنها تكون في وقت تواطأ السمع واللسان والقلب، لفراغه وعدم تمكنه من الاشتغال فيه.
فيفهم القرآن ويتدبره، وأيضا فإنها أساس العمل وأوله، فأعطيت فضلا من الاهتمام بها وتطويلها، وهذه أسرار إنما يعرفها من له التفات إلى أسرار الشريعة ومقاصدها وحكمها.
صفة قراءته صلى الله عليه وسلم:
وكانت قراءته مدا، يقف عند كل آية، ويمد بها صوته.
انتهى كلام ابن القيم.
[ما يستحب أثناء القراءة]
يسن أثناء القراءة، تحسين الصوت وتزيينه: ففي الحديث.
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (زينوا أصواتكم بالقرآن) وقال: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن)
وقال: (إن أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه وحسبتموه يخشى الله) وقال: (وما أذن الله شئ (١) ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن) .
قال النووي: يسن لكل من قرأ في الصلاة أو غيرها إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ به من النار، أو من العذاب، أو من الشر، أو من المكروه، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية، أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله سبحانه وتعالى نزه الله فقال: (سبحانه
(١) ما أذن الله (أذن) : استمع.