قال المفسرون والعلماء في حكمة ذلك: انه إذا علم الرجل ان المرأة لا تحل له بعد أن يطلقها ثلاث مرات إلا إذا نكحت زوجا غيره فانه يرتدع، لانه مما تأباه غيرة الرجال وشهامتهم، ولا سيما إذا كان الزوج الاخر عدوا أو مناظرا للاول.
وزاد على ذلك صاحب المنار فقال في تفسيره (١) :
إن الذي يطلق زوجته، ثم يشعر بالحاجة إليها فيرتجعها نادما على طلاقها، ثم يمقت عشرتها بعد ذلك فيطلقها، ثم يبدو له ويترجح عنده عدم الاستغناء عنها، فيرتجعها ثانية، فانه يتم له بذلك اختبارها.
لان الطلاق الاول ربما جاء عن غير روية تامة ومعرفة صحيحة منه بمقدار حاجته إلى امرأته.
ولكن الطلاق الثاني لا يكون كذلك، لانه لا يكون إلا بعد الندم على ما كان أولا، والشعور بأن كان خطأ، ولذلك قلنا ان الاختبار يتم به.
فإذا هو راجعها بعده كان ذلك ترجيحا لامساكها على تسريحها.
ويبعد أن يعود إلى ترجيح التسريح بعد أن رآه بالاختبار التام مرجوحا.
فإذا هو عاد وطلق ثالثة، كان ناقص العقل والتأديب، فلا يستحق أن تجعل المرأة كرة بيده يقذفها متى شاء تقلبه ويرتجعها متى شاء هواه، بل يكون من الحكمة أن تبين منه، ويخرج أمرها من يده، لانه علم أن لا ثقة بالتثامهما واقامتهما حدود الله تعالى.
فان اتفق بعد ذلك أن تزوجت برجل آخر عن رغبة، واتفق أن طلقها الاخر أو مات عنها، ثم رغب فيها الاول وأحب أن يتزوج بها - وقد علم أنها صارت فراشا لغيره - ورضيت هي بالعودة إليه فان الرجاء في التئامهما، واقامتهما حدود الله تعالى، يكون حينئذ قويا جدا، ولذلك أحلت له بعد العدة.
[صيغة العقد المقترنة بالشرط]
إذا قرن عقد الزواج بالشرط، فإما أن يكون هذا الشرط من مقتضيات