قال يحيى بن سعيد: فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الاسلمي، فقال يزيد:" هزال جدي، هذا الحديث حق ".
وروى ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه كشف الله عورته حتى يفضحه في بيته ".
وإذا كان الستر مندوبا، ينبغي أن تكون الشهادة به خلاف الاولى التي مرجعها إلى كراهة التنزيه، لانها في رتبة الندب في جانب الفعل، وكراهة التنزيه في جانب الترك، وهذا يجب أن يكون بالنسبة إلى من لم يعتد الزنا ولم يتهتك به.
أما إذا وصل الحال إلى إشاعته والتهتك به، فيجب كون الشهادة به أولى من تركها، لان مطلوب الشارع إخلاء الارض من المعاصي والفواحش وذلك يتحقق بالتوبة من الفاعلين، وبالزجر لهم، فإذا ظهر حال الشره في الزنا وعدم المبالاة به وإشاعته، فإخلاء الارض المطلوب حينئذ بالتوبة، احتمال يقابله ظهور عدمها، فمن اتصف بذلك فيجب تحقيق السبب الاخر للاخلاء، وهو الحدود، بخلاف من زنا مرة أو مرارا، مستترا متخوفا متندما عليه
فإنه محل استحباب ستر الشاهد (١)".
[ستر المسلم نفسه]
بل على المسلم أن يستر نفسه ولا يفضحها بالحديث عما يصدر عنه، من إثم أو إقرار أمام الحاكم لينفذ فيه العقوبة.
روى الامام مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يا أيها الناس: قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله ... من أصاب شيئا من هذه القاذورة فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته، نقم عليه كتاب الله ".
(١) انظر ص ١٦٤ ج ٣ حاشية الشلبي على الزيلعي من كتاب الحدود لمبهنسي.