عن موالاة الكافرين يقصد به النهي عن محالفتهم ومناصرتهم ضد المسلمين، كما يقصد به النهي عن الرضى بما هم فيه من كفر، إذ أن مناصرة الكافرين على المسلمين فيه ضرر بالغ بالكيان الاسلامي، وإضعاف لقوة الجماعة المؤمنة، كما أن الرضى بالكفر كفر يحظره الاسلام ويمنعه.
أما الموالاة بمعنى المسالمة، والمعاشرة الجميلة، والمعاملة بالحسنى، وتبادل المصالح، والتعاون على البر والتقوى، فهذا مما دعا إليه الاسلام.
[كفالة الحرية الدينية لغير المسلمين]
ولهذا قرر الاسلام المساواة بين الذميين والمسلمين، فلهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم، وكفل لهم حريتهم الدينية.
وتتمثل حريتهم الدينية فيما يأتي:
(أولا) عدم إكراه أحد منهم على ترك دينه أو إكراهه على عقيدة معينة.
يقول الله سبحانه وتعالى: " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " (١) .
(ثانيا) من حق أهل الكتاب أن يمارسوا شعائر دينهم، فلا تهدم لهم كنيسة، ولا يكسر لهم صليب.
يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: " اتركوهم وما يدينون ".
بل من حق زوجة المسلم " اليهودية والنصرانية " أن تذهب إلى الكنيسة أو إلى المعبد، ولا حق لزوجها في منعها من ذلك.
(ثالثا) أباح لهم الاسلام ما أباحه لهم دينهم من الطعام وغيره، فلا يقتل لهم خنزير، ولا تراق لهم خمر، مادام ذلك جائزا عندهم، وهو بهذا وسع عليهم أكثر من توسعته على المسلمين الذين حرم عليهم الخمر والخنزير.
(رابعا) لهم الحرية في قضايا الزواج، والطلاق، والنفقة، ولهم أن يتصرفوا كما يشاءون فيها، دون أن توضع لهم قيود أو حدود.
(خامسا) حمى الاسلام وكرامتهم، وصان حقوقهم، وجعل لهم
(١) سورة البقرة: الاية ٢٥٦.