للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحبسه أمير الجيش سعد بن أبي وقاص، وأمر بتقييده، فلما التقى الجمعان قال أبو محجن: كفا حزنا أن تطرد الخيل بالقنا وأترك مشدودا علي وثاقيا ثم قال لامرأة سعد، أطلقيني، ولك علي إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القيد، فإن قتلت فقد استرحتم مني، فحلته، فوثب على فرس لسعد يقال لها " البلقاء " ثم أخذ رمحا وخرج للقتال، فأتى بما بهر سعدا وجيش المسلمين حتى ظنوه ملكا من الملائكة جاء لنصرتهم، فلما هزم العدو رجع ووضع رجليه في القيد، فأخبرت سعدا امرأته بما كان من أمره، فخلى سعد سبيله، وأقسم ألا يقيم عليه الحد من أجل بلائه في القتال حتى قوي جيش

المسلمين به، فتاب أبو محجن بعد ذلك عن شرب الخمر.

فتأخر الحد أو إسقاطه كان لمصلحة راجحة، هي خير للمسلمين وله من إقامة الحد عليه.

النهي عن إقامة الحدود في المساجد صيانة لها عن التلوث: روى أبو داود عن حكيم بن حزام رضى الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستقاد في المسجد، وأن تنشد فيه الاشعار، وأن تقام فيه الحدود.

هل للقاضي أن يحكم بعلمه: يرى الظاهرية أنه فرض على القاضي أن يقضي بعلمه في الدماء والقصاص والاموال والفروج والحدود، سواء علم ذلك قبل ولايته أو بعد ولايته، وأقوى ما حكم بعلمه، لانه يقين الحق.

ثم بالاقرار، ثم بالبينة، لان الله تعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله (١) " وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ... "


(١) سورة النساء الاية: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>