هذه الاضرار الانفة ثبتت ثبوتا لا مجال فيه لشك أو ارتياب، مما حمل كثرا من الدول الواعية على محاربة تعاطي الخمر وغيرها من المسكرات.
وكان في مقدمة من حاول منع تعاطيها من الدول: أمريكا. فقد نشر في كتاب تنقيحات للسيد أبو الاعلى المودودي ما يأتي: منعت حكومة أمريكا الخمر، وطاردتها في بلادها، واستعملت جميع وسائل المدنية الحاضرة كالمجلات، والمحاضرات، والصور، والسينما لتهجين شربها، وبيان مضارها ومفاسدها.
ويقدرون ما أنفقت الدولة في الدعاية ضد الخمر بما يزد على ٦٠ مليون دولار، وأن ما نشرته من الكتب والنشرات يشتمل على ١٠ بلايين صفحة، وما تحملته في سبيل قانون التحريم في مدة أربعة عشر عاما لا يقل عن ٢٥٠ مليون جنيها، وقد أعدم فيها ٣٠٠ نفس، وسجن ٣٣٥، ٥٣٢ نفس، وبلغت الغرامات إلى ١٦ مليون جنيها، وصادرت من الاملاك ما يبلغ ٤٠٠ مليون وأربعة ملايين جنيها، ولكن كل ذلك لم يزد الامة الامريكية إلا غراما بالخمر وعنادا في تعاطيها، حتى اضطرت الحكومة سنة ١٩٣٣ إلى سحب هذا القانون وإباحة الخمر في مملكتها إباحة مطلقة. إنتهى.
إن أمريكا قد عجزت عجزا تاما عن تحريم الخمر بالرغم من الجهود الضخمة التي بذلتها، ولكن الاسلام الذي ربى الامة على أساس من الدين، وغرس في نفوس أفرادها غراس الايمان الحق، وأحيا ضميرها بالتعاليم الصالحة والاسوة الحسنة لم يصنعا شيئا من ذلك، ولم يتكلف مثل هذا الجهد، ولكنها كلمة صدرت من الله استجابت لها النفوس استجابة مطلقة.
روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما كان لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ.
إني لقائم أسقي أبا طلحة وأبا أيوب ورجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، في بيتنا، إذ جاء رجل فقال: هل بلغكم الخبر؟.