للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكون في الحلال مندوحة عن الحرام، ولكي لا يبقي عذر لمتقرف هذه الجريمة.

وقد احتاط في تنفيذ هذه العقوبة بقدر ما أخاف الزناة وأرهبهم:

١ - فمن الاحتياط أنه درأ الحدود بالشبهات، فلا يقام حد إلا بعد التيقن من وقوع الجريمة.

٢ - وانه لابد في إثبات هذه الجريمة من أربعة شهود عدل من الرجال، فلا تقبل فيها شهادة النساء، ولا شهادة الفسقة.

٣ - وأن يكون الشهود جميعا رأوا عملية الزنا نفسها كالميل في المكحلة، والرشاء (١) في البئر، وهذا مما يصعب ثبوته.

٤ - ولو فرض أن ثلاثة منهم شهدوا بهذه الشهادة وشهد الرابع بخلاف شهادتهم، أو رجع أحدهم عن شهادته أقيم عليهم حد القذف.

فهذا الاحتياط الذي وضعه الاسلام في إثبات هذه الجريمة، مما يدفع ثبوتها قطعا.

فهذه العقوبة هي إلى الارهاب والتخويف أقرب منها إلى التحقيق والتنفيذ.

وقد يقول قائل: إذا كان الحد مما يندر إقامته، لتعذر ثبوت الادلة، فلماذا إذن شرعه الاسلام؟ والجواب كما قلنا: أن الاسلام إذا لاحظ قسوة الجريمة وضراوتها فإنه يعمل لها ألف حساب وحساب قبل أن تقترف.

فهذا نوع من الزجر بالنسبة لهذه الجريمة التي تجد من الحوافز والبواعث

ما يدفع إليها، ولا سيما وأن الغريزة الجنسية من أعنف الغرائز، إن لم تكن أعنفها على الاطلاق، ومن المناسب أن يواجه عنف الغريزة عنف العقوبة، فإن ذلك من عوامل الحد من ثورتها.


(١) الرشاء: الحبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>