للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو نحوهما منتصب القامة. ممدود اليدين، ثم يطعن حتى يموت.

ومن الفقهاء من قال: إنه يقتل أولا ثم يصلب للعبرة والعظة.

ومنهم من قال: إنه لا يبقى على الخشبة أكثر من ثلاثة أيام.

وكل ما تقدم فإنه اجتهاد من الائمة.

وهوفي نطاق تفسير الآية الكريمة،

وكل إمام له وجهة نظر صحيحة، فمن رأى تخيير الحاكم في اختيار إحدى العقوبات المقررة فوجهته ما دل عليه العطف بحرف - أو - وأن الامر متروك للحاكم يختار منها ما تدرأ به المفسدة وتتحقق به المصلحة. وأن من رأى أن لكل جريمة عقوبة محددة في الآية، فوجهه تحقيق العدالة مع رعاية ما تندرئ به المفاسد وتقوم بهالمصالح، فالكل مجمع على تحقيق غاية الشريعة من درء المفاسد وتحقيق المصالح.

وهذا الاجتهاد يسهل على أولياء الامور فهم النصوص وييسر طريق الاجتهاد، ويعين طالب العلم على الوصول إلى الحقيقة.

ولا شك أن أعمالا كثيرة تحدث من المحاربين المفسدين غير هذه الاعمال التي أشار إليها الفقهاء.

ويمكن استنباط أحكام لها مناسبة في ضوء ما استنبطه الفقهاء من الآية الكريمة من أحكام جزئية.

رد اعتراض ودفع إشكال:

قال في المنار: روى عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد أن الفساد هنا: الزنا، والسرقة، وقتل النساء، وإهلاك الحرث والنسل، وكل هذه الاعمال من الفساد في الارض.

واستشكل بعض الفقهاء قول مجاهد: بأن هذه الذنوب والمفاسد لها عقوبات في الشرع غير ما في الآية، فللزنا والسرقة والقتل، حدود، وإهلاك الحرث والنسل يقدر بقدره ويضمنه الفاعل ويعزره الحاكم بما يؤديه إليه اجتهاده ".

وفات هؤلاء المعترضين أن العقاب المنصوص في الآية خاص بالمحاربين من المفسدين الذين يكاثرون أولي الامر، ولا يذعنون لحكم الشرع، وتلك الحدود إنما هي للسارقين، والزناة أفرادا، الخاضعين لحكم الشرع فعلا.

وقد ذكر حكمهم في الكتاب العزيز بصيغة اسم الفاعل المفرد كقوله، سبحانه " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " (١) ، وقال: " الزانية


(١) سورة المائدة.
الآية: ٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>