" إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ".
(١) وليس هذا الحكم مقصورا على حد الحرابة، بل هو حكم عام ينتظم جميع الحدود، فمن ارتكب جريمة تستوجب الحد ثم تاب منها قبل أن يرفع إلى الامام سقط عنه الحد، لانه إذا سقط الحد عن هؤلاء فأولى أن يسقط عن غيرهم، وهم أخف جرما منهم، وقد رجح ذلك ابن تيمية فقال:
" ومن تاب من الزنا، والسرقة، وشرب الخمر قبل أن يرفع إلى الامام، فالصحيح أن الحد يسقط عنه.
كما يسقط عن المحاربين إجماعا إذا تابوا قبل القدرة عليهم ".
وقال القرطبي " فأما الشراب، والزناة، والسراق، إذا تابوا وأصلحوا.
وعرف ذلك منهم، ثم رفعوا إلى الامام، فلا ينبغي أن يحدوا.
وإن رفعوا إليه فقالوا: تبنا لم يتركوا وهم في هذه الحال كالمحاربين إذا غلبوا ".
وفصل الخلاف في ذلك ابن قدامة فقال: وإن تاب من عليه حد من غير المحاربين وأصلح ففيه روايتان: (إحداهما) يسقط عنه لقول الله تعالى: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما، فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما "(٢) .
وذكر حد السارق ثم قال:" فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله غفور رحيم "(٣) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" التائب من الذنب كمن لاذنب له " ومن لا ذنب له لاحد عليه، وقال في ماعز لما أخبر بهربه " هلاتركتموه يتوب فيتوب الله عليه "؟! ولانه خالص حق الله تعالى فيسقط بالتوبة كحد المحارب.
(ثانيتهما) لا يسقط، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي لقوله سبحانه:" الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ".
(١) سورة المائدة الآية: ٣٤ (٢) سورة النساء الآية: ٣٩ (٣) سورة المائدة الآية: ١٦