قال القرطبي:" وهذه الآية جاءت مبينة حكم النوع إذا قتل نوعه فبيتت حكم الحر إذا قتل حرا، والعبد إذا قتل عبدا، والانثى إذا قتلت أنثى، ولم تتعرض لاحد النوعين إذا قتل الآخر.
فالآية محكمة، وفيها إجمال يبينه قوله تعالى: " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس " إلى آخر الآية.
وبينه النبي صلى الله عليه وسلم لما قتل اليهودي بالمرأة. قاله مجاهد.
٢ - فإذا عفا ولي الدم عن الجاني فله أن يطالبه بالدية على أن تكون المطالبة بالمعروف، لا يخالطها عنف ولا غلظة، وعلى القاتل أداء الدية إلى العافي بلا مماطلة ولابخس.
٣ - وهذا الحكم الذي شرعه الله من جواز القصاص والعفو عنه إلى الدية تيسير من الله ورحمة حيث وسع الامر في ذلك، فلم يحتم واحدا منهما.
٤ - فمن اعتدى على الجاني فقتله بعد العفو عنه، فله عذاب أليم، إما بقتله في الدنيا أو عذابه بالنار في الآخرة.
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال: " كان في بني اسرائيل القصاص، ولم تكن فيهم الدية، فقال الله لهذه الامة:" كتب عليكم القصاص في القتلى ... " الآية
" فمن عفي له من أخيه شئ " قال: " فالعفو " أن يقبل في العمد الدية، و " الاتباع بالمعروف " أن يتبع الطالب بمعروف، ويؤدي إليه المطلوب بإحسان. " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة " فيما كتب على من كان قبلكم.
٥ - وقد شرع الله القصاص لان فيه الحياة العظيمة، والبقاء للناس، فإن القاتل إذا علم أنه سيقتل ارتدع، فأحيا نفسه من جهة، وأحياء من كان يريد قتله من جهة أخرى.
٦ - وقد أبقى الاسلام جعل الولاية في طلب القصاص لولي المقتول على على ما كان عليه عند العرب.