" أما عرضه فيما فسرناه، وأما عقوبته فالسجن يحبس فيه " (١) . انتهى.
والقصاص في اللطمة، والضرب، والسب، ثابت عن الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة والتابعين.
ذكر البخاري عن أبي بكر، وعلي، وابن الزبير، وسويد بن مفرن أنهم أقادوا من اللطمة وشبهها.
قال ابن المنذر: " وما أصيب به من سوط، أو عصا، أو حجر، فكان دون النفس، فهو عمد، وفيه القود ".
وهذا قول جماعة من أصحاب الحديث.
وفي البخاري: " وأقاد عمر رضي الله عنه من ضربة بالدرة.
وأقاد علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، من ثلاثة أسواط، واقتص شريح من سوط وخموش ".
وخالف في ذلك كثير من فقهاء الامصار، فقالوا: بعدم مشروعية القصاص في شئ من هذا، لان المساواة متعذرة في ذلك غالبا.
وإذا كان لا يجب فيها القصاص فالواجب فيها التعزير.
وقد رجح شيخ الاسلام ابن تيمية الرأي الاول، فقال: " وأما قول القائل: إن المماثلة في ذلك متعذرة، فيقال له: لابد لهذه الجناية من عقوبة: إما قصاص، وإما تعزير.
فإذا جوز أن يكون تعزيرا غير مضبوط الجنس والقدر، فلان يعاقب بما هو أقرب إلى الضبط من ذلك أولى وأحرى.
والعدل في القصاص معتبر بحسب الامكان.
ومن المعلوم أن الضارب إذا ضرب مثل ضربته أو قريبا منها، كان هذا أقرب إلى العدل من أن يعزر بالضرب بالسوط.
فالذي يمنع القصاص في ذلك - خوفا من الظلم - يبيح ما هو أعظم ظلما مما فر منه، فيعلم أن ما جاءت به السنة أعدل وأمثل " انتهى.
القصاص في إتلاف المال:
إذا أتلف إنسان مال غيره، كن يقطع شجره، أو يفسد زرعه، أو
(١) قرطبي، ج ٢، ص ٣٦٠.