للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" فردت هذه السنن بأنها خلاف الاصول، فإن الله إنما أباح قلع العين بالعين، لا بجناية النظر، ولهذا لو جنى عليه بلسانه لم يقطع، ولو استمع عليه بأذنه لم يجز أن تقطع أذنه، فيقال: بل هذه السنن من أعظم الاصول، فما خالفها فهو خلاف الاصول وقولكم: " إنما شرع الله سبحانه أخذ العين بالعين، فهذا حق في القصاص، وأما العضو الجاني المتعدي لا يمكن دفع ضرره وعدوانه إلا برميه، فإن الآية

لا تتناوله نفيا ولا إثباتا، والسنة جاءت ببيان حكمه بيانا ابتدائيا لما سكت عنه القرآن، لا مخالفا لما حكم به القرآن.

وهذا اسم آخر غير فقء العين قصاصا، وغير دفع الصائل الذي يدفع بالاسهل فالاسهل، إذ المقصود دفع ضرر حياله، فإذا اندفع بالعصا لم يدفع بالسيف، وأما هذا المتعدي بالنظر إلى المحرم، الذي لا يمكن الاحتراز منه، فإنه إنما يقع على وجه الاختفاء والختل.

فهو قسم آخر غير الجاني وغير الصائل الذي لم يتحقق عدوانه، ولا يقع هذا غالبا إلا على وجه الاختفاء، وعدم مشاهدة غير الناظر إليه، فلو كلف المنظور إليه إقامة البينة على جنايته لتعذرت عليه، ولو أمر بدفعه بالاسهل فالاسهل ذهبت جناية عدوانه بالنظر إليه وإلى جريمه هدرا.

" والشريعة الكاملة تأبى هذا وهذا، فكان أحسن ما يمكن وأصلحه وأكفه لناوللجاني، ما جاءت به السنة التي لا معارض لها، ولا دافع لصحتها من خذف ما هنال ك، وإن لم يكن هناك بصر عاد لم يضر خذف الحصاة وإن كان هناك بصر عاد لا يلومن إلا نفسه، فهو الذي عرضه صاحبه للتلف، فأدناه إلى الهلاك، والخاذف ليس بظالم له.

والناظر خائن ظالم، والشريعة أكمل وأجل من أن تضيع حق هذا الذي هتكت حرمته وتحيله في الانتصار على التعزير بعد إقامة البينة، فحكم الله بما شرعه على رسوله، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " اه.

(٣) القتل دفاعا عن النفس أو المال أو العرض: ومن قتل شخصا، أو حيوانا، دفاعا عن نفسه، أو عن نفس غيره، أو عن ماله، أو مال غيره، أو عن العرض، فإنه لاشئ عليه، لان دفع

<<  <  ج: ص:  >  >>