للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني رفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت في سجودي.

فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك؟ قال: (كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته) رواه أحمد والنسائي والحاكم.

قال النووي: هذا يدل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرهما من الحيوان الطاهر في صلاة الفرض وصلاة النفل، ويجوز ذلك للامام والمأموم.

وحمله أصحاب مالك رضي الله عنه على النافلة ومنعوا جواز ذلك في الفريضة.

وهذا التأويل فاسد لان قوله يؤم الناس صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة، وقد سبق أن ذلك كان في فريضة الصبح.

قال: وادعى بعض المالكية أنه منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة.

وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها، بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع، لان الادمي طاهر

وما في جوفه معفو عنه لكونه في معدته، وثياب الاطفال تحمل على الطهارة ودلائل الشرع متظاهرة على هذا.

والافعال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بيانا للجواز وتنبيها به على هذه القواعد التي ذكرتها.

وهذا يرد ما ادعاه الامام أبو سليمان الخطابي أن هذا الفعل يشبه أن يكون كان بغير تعمد فحملها في الصلاة لكونها كانت تتعلق به صلى الله عليه وسلم فلم يرفعها فإذا قام بقيت معه.

قال: (ولا يتوهم أنه حملها مرة أخرى عمدا لانه عمل كثير ويشغل القلب، وإذا كان علم الخميصة شغله فكيف لا يشغله هذا؟) هذا كلام الخطابي رحمه الله تعالى، وهو باطل ودعوى مجردة. ومما يردها قوله في صحيح مسلم: فإذا قام حملها.

وقوله: فإذا رفع من السجود أعادها، وقوله في رواية غير مسلم: خرج علينا حاملا أمامة فصلى فذكر الحديث.

وأما قضية الخميصة فلانها تشغل القلب بلا فائدة، وحمل أمامة لا نسلم أنه يشغل القلب وإن شغله فيترتب عليه فوائد

<<  <  ج: ص:  >  >>