ذلك لم يكن في قولهم حجة مع قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله.
وإذا لم تثبت أقوالهم امتنع المصير إلى التقدير الذي ذكروه لوجهين أحدهما أنه مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي رويناها ولظاهر القرآن لان ظاهره إباحة القصر لمن ضرب في الارض لقوله تعالى:(وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) وقد سقط شرط الخوف بالخبر المذكور عن يعلى بن أمية فبقي ظاهر الاية متناولا كل ضرب في الارض، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (يمسح المسافر ثلاثة أيام) جاء لبيان مدة المسح فلا يحتج به ههنا، وعلى أنه يمكن قطع المسافة القصيرة في ثلاثة أيام وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم سفرا فقال:(لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم) .
والثاني أن التقدير بابه التوقيف فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد سيما وليس له أصل يرد إليه ولا نظير يقاس عليه، والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الاجماع على خلافه.
ويستوي في ذلك السفر في الطائرة أو القاطرة كما يستوي سفر الطاعة وغيره.
ومن كان عمله يقتضي السفر دائما مثل الملاح والمكاري فإنه يرخص له القصر والفطر لانه مسافر حقيقة.
(٣) الموضع الذي يقصر منه: ذهب جمهور العلماء إلى أن قصر الصلاة يشرع بمفارقة الحضر والخروج من البلد وأن ذلك شرط ولا يتم حتى يدخل أو بيوتها،
قال ابن المنذر: ولا أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في سفر من أسفاره إلا بعد خروجه من المدينة.
وقال أنس: صليت الظهر مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعا وبذي الحليفة ركعتين.
رواه الجماعة.
ويرى بعض السلف أن من نوى السفر يقصر ولو في بيته.
(٤) متى يتم المسافر: المسافر يقصر الصلاة ما دام مسافرا فإن أقام لحاجة ينتظر قضاءها قصر الصلاة كذلك لانه يعتبر مسافرا وإن أقام سنين، فإن نوى الاقامة مدة معينة فالذي اختاره ابن القيم أن الاقامة لا تخرج عن حكم السفر سواء طالت أم